تندرج رواية مزرعة الحيوان لمؤلفها البريطاني جورج أورويل تحت قائمة الأدب السياسي، وهي رواية رمزية حملت العديد من الرموز للتعبير عن القضية التي يُريد الكاتب طرحها حسب ما ورد عن الباحث والكاتب زيد خلدون جميل في دراسته حول هذه الرواية، لذا لاقت اهتمامًا كبيرًا وواضحًا من النقاد والدارسين ومن القراء أيضًا، وفي هذا المقال قدمنا لكم تحليلًا مفصلًا لها.


تحليل رواية مزرعة الحيوان

يطرح جورج أورويل خلال صفحات روايته هذه نظرة نقدية للنظام السوفييتي، الذي كان قوى سياسية وعسكرية عظمي في العالم وفقًا لما ورد عن الكاتب والباحث زيد خلدون جميل؛ فقد مثلت الرواية رمزًا للثورة الروسية وفشل الشيوعية،[١] ولتوضيح الفكرة التي يريد الكاتب إيصالها تم تفكيك الرواية إلى عناصرها الأساسية وتحليلها على النحو الآتي:


العنوان

مهّد الكاتب لفكرته وقضيته التي يريد إيصالها بدءًا من عنوان الرواية؛ فقد كان من الواضح أنّ الاسم الذي اختاره للرواية كان رمزيًا تقف وراءه قضايا وأفكار عميقة وأكبر من مجرد قصة بين حيوانات في إحدى المزارع.[٢]


المكان

تدور أحداث الرواية في مزرعة موجودة في بريطانيا وعدد من المزارع المجاورة لها، وهي مكان مُتخيل، فقد اتخذ الكاتب هذه الأماكن رمزًا للتعبير عن كل البلدان، لذا لم يحدد الكاتب مكانًا حقيقيًا بعينه.[٢]

الشخصيات الرئيسية

تدور أحداث رواية مزرعة الحيوان بين عدد من الشخصيات الرئيسية، وهي:[٣]

  • المستر جونز: يعد من الشخصيات الرئيسية والمهمة في الرواية، وهو صاحب مزرعة مانور، ابتعد عن الاهتمام بالمزرعة والحيوانات الموجودة فيها، وكان يقضي وقته بشرب الكحول وقراءة المجلات، ويشار إلى أنّ الكاتب يرمز بهذه الشخصية لقيصر نيكولاس الثاني.
  • ميجور: يعد مصدر الأحداث ومؤسس فكرة الثورة، والذي يُلهم الحيوانات في المزرعة للثورة وخلق حياة جديدة أفضل لأنفسهم، ويُشار إلى أنّ الكاتب يرمز به لكارل ماركس وفريدريك إنجلز.
  • نابوليون: هو خنزير ضخم مظهره مُخيف، وكان من قادة الثورة ضد صاحب المزرعة، إذ استولى على السلطة وصار زعيمًا للمزرعة، وغيّر الوصايا كلها وابتعد عن الأهداف التي ثارت الحيوانات من أجلها، ويُشار إلى أنّ الكاتب يرمز به إلى جوزيف ستالين قائد الثورة البلشفية.
  • سنوبول: يعدّ أكثر نشاطًا ومرحًا من نابوليون، وكان في خصام دائم مع نابوليون، ويُشار إلى أنّ الكاتب يرمز به إلى ليون تروتسكي.
  • سكويلر: يمثل الشخصية التي تنشر الدعاية بين الحيوانات ويُقنعهم بما يريده هو ونابليون؛ إذ كان متحدثًا بارعًا ولديه قدرة كبيرة على الخطابة، ويُشار إلى أنّ الكاتب يرمز به إلى الدعاية المستخدمة من قِبَل الحكومة السوفييتية.
  • بوكسر: هو حصان قوي يعدّ بمثابة المحرك للأعمال الشاقة في المزرعة، ويُشار إلى أنّ الكاتب يرمز به إلى الطبقة العاملة في المجتمع.
  • كلوفر: هي فرس حنونة كانت رفيقة بوكسر، ويُشار إلى أنّ الكاتب يرمز بها إلى الطبقة النسائية العاملة.
  • بنيامين: يعدّ أقدم حيوان في المزرعة، وكان كئيبًا ويائسًا دائمًا، ويُشار إلى أنّ الكاتب يرمز به إلى الطبقة المثقفة في المجتمع.


الشخصيات الثانوية

تدور أحداث رواية مزرعة الحيوان بين عدد من الشخصيات الثانوية، وهي:[٤]

  • موسى: هو غراب كان جاسوسًا على الآخرين، وهو من أحب الطيور إلى المستر جونز، وبعد الثورة يختفي موسى لكنّه في نهاية الرواية يظهر مجددًا.
  • مولي: هي فرس بيضاء مدلّلة تجرّ مركبة المستر جونز كلما خرج إلى المدينة، كانت تكره الثورة والحرية وتحبّ العبودية والإنسان، ففي النهاية تغادر المزرعة وتعود إلى حكم الإنسان، ويُشار إلى أنّ الكاتب يرمز بها إلى الأرستقراطية الروسية.
  • مورييل: يعد الجِدي مورييل شخصية ذكية ومثقفة، لكنه لم يقم بدوره اللازم في المزرعة ولا يستطيع أن يقود الحيوانات فيها.
  • القطة: تمثل القطة الشخصية التي تهتم بمصلحتها فقط ولا تهتم بالآخرين؛ إذ لم تهتم بما يجري في المزرعة، وكان همّها أن تبحث عن مكان دافئ لنفسها.
  • الكلاب الثلاثة (بلوبل، جيسي، بنشر): كانوا أول القادمين للاستماع إلى مؤسس الثورة (ميجور)، كما شاركوا في معركة الطاحونة.
  • المستر بلكنجتون: هو صاحب مزرعة مجاورة لمزرعة الحيوانات، كان خائفًا من أن ينتقل وباء الثورة إلى مزرعته، فيحاول أن يمنع وصول هذه الفكة إلى حيواناته بشتى الطرق.
  • المستر فريدريك: هو جار مزرعة المستر جونز، يكره بلكنجتون وفي صراع دائم معه، كان يتفق مع نابليون سرًا لشراء الخشب للمزرعة ويعطيه نقودًا مزيفة، ويشتعل الصراع بينهما حتى يهاجم فريدريك المزرعة والطاحونة، ويُشار إلى أنّ الكاتب يرمز به إلى أدولف هتلر.
  • ويمبر: هو مقاول أو سمسار، يتصف بأنّه ماكر ومُخادع، وكان ينشر روايات مناقضة لما كان يُشاع عن مزرعة الحيوانات.
  • الحَمَام: كان ينقل أخبار مزرعة الحيوانات إلى المزارع المجاورة، ويأتي بالأخبار الخارجية أيضًا.


الأحداث الرئيسية

وفقًا لما ورد عن الباحث والكاتب زيد خلدون جميل يحكي الكاتب في هذه الرواية قصة مزرعة في بريطانيا يملكها رجل كسول اسمه المستر جونز اعتاد على شرب الكحول ويعاني من أزمة مالية، في المزرعة يُخبر الخنزير العجوز بقية الحيوانات بحلم يراوده حول ثورة تقوم بها الحيوانات ضد الإنسان والعيش بحرية، وبعد وفاة الخنزير العجوز يقود اثنان من شباب الخنازير الثورة ضد صاحب المزرعة وينجحان في طرده والاستيلاء على المزرعة.


بعد نجاح الثورة تعمل الحيوانات في المزرعة بفرح معًا وتحقق نجاحًا كبيرًا في الحصاد، وقد كانت الحيوانات تحضر اجتماعات التخطيط الأسبوعية التي يتم فيها إصدار القرارات بشأن مستقبل المزرعة.[٥]


العقدة والحبكة

وفقًا لما ورد عن الباحث والكاتب زيد خلدون جميل في دراسته لهذه الرواية يختلف الخنزيران القائدان بينهما؛ ويشتد الصراع حول فكرة بناء الطاحونة الهوائية، وقد كان أحد الخنزيرين أنانيًا ومتآمرًا، بينما كان الآخر مهتمًا بمصالح الحيوانات وإصلاح المزرعة، وأسّس نظرية فلسفية حول مجتمعهم الحيواني، لكن الخنزير الأناني ينجح بتدبير مكيدة للتخلص من منافسه، الذي يفر من المزرعة خوفًا على حياته، ويؤسس الخنزير الأناني نظامًا ديكتاتوريًا فاسدًا؛ إذ يُنصّب نفسه حاكمًا مطلقًا ومستبدًا، ويستحوذ على أرباح المزرعة، ويبيع الحيوانات كي يشتري لنفسه وبقية الخنازير التي تعاونه جميع وسائل الترفيه، تاركًا بقية الحيوانات تعاني الحياة الشاقة وقلة الطعام، ويقتل الخنزير الحاكم كل من يعترض على قراراته بحجة أنه عميل للخنزير الهارب، الذي لا يظهر في المزرعة مرةً أخرى.


الحل

يدعو الخنزير الحاكم أصحاب المزارع المجاورة على وليمة للتوصل إلى اتفاق تجاري، وبعد الكثير من الكحول والطعام والمجاملات بدا الجميع بالمقامرة، ثم تنشب مشاجرة عنيفة وصاخبة بين الخنزير الحاكم وصاحب مزرعة مجاورة، ويكتشف كل منهما أن الآخر يغش، وفي هذه الأثناء كانت الحيوانات تراقب ما يحدث من خلال النوافذ دون أن تستطيع أن تميّز من هو الخنزير ومن هو الإنسان وفقًا لما ورد عن الباحث والكاتب زيد خلدون جميل في تحليله للرواية.


الخصائص الفنية في رواية مزرعة الحيوان

اتسمت رواية مزرعة الحيوان بعدد من السمات والخصائص الفنية وفقًا لما ورد عن الكاتب مصطفى خرواش وغيره من الدارسين، منها على سبيل الذكر لا الحصر ما يأتي:[٢]

  • تجسيد الشخصيات في الرواية بأبعاد مختلفة؛ ما بين أبعاد نفسية واجتماعية وشكلية، والوصف الدقيق للشخصيات.
  • قوة الخطاب الروائي في الأحداث والشخصيات والأماكن.
  • اتباع أسلوب الحكي التسلسلي في قوالب من التشبيه والإيحاء والرموز.


ولقراءة تحليل المزيد من الروايات الرمزية: رواية أولاد حارتنا، رواية بلد العميان.

المراجع

  1. فؤاد قادر رضا، بنية النص السردي في رواية مزرعة الحيوان، صفحة 11. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت فؤاد قادر رضا، بنية النص السردي في رواية مزرعة الحيوان، صفحة 43. بتصرّف.
  3. فؤاد قادر رضا، بنية النص السردي في رواية مزرعة الحيوان، صفحة 24. بتصرّف.
  4. فؤاد قادر رضا، بنية النص السردي في رواية مزرعة الحيوان، صفحة 31. بتصرّف.
  5. فؤاد قادر رضا، بنية النص السردي في رواية مزرعة الحيوان، صفحة 46. بتصرّف.