تعد رواية كافكا على الشاطئ لمؤلفها الياباني هاروكي موراكامي من الروايات الفلسفية والغرائبية، وقد حازت على شهرة كبيرة ولاقت اهتمامًا واضحًا من النقاد والدارسين ومن القراء أيضًا، وفقًا لما ورد في قراءة نقدية لمجموعة من الكُتّاب لهذه الرواية، وفي هذا المقال قدّمنا لكم تحليلًا مفصلًا لها.


تحليل رواية كافكا على الشاطئ

عالج الكاتب في هذه الرواية مجموعة من الأفكار الفلسفية، منها الاعتراف بمحدودية قدرة الإنسان وعجزه عن الوصول إلى حقيقة ثابتة أو حتمية مستقرةّ، وشكّل فيها مزيجًا من التاريخ والفلسفة والحضارة وعلم النفس والأساطير، حسب ما ورد عن الكاتبة عواطف محجوب في قراءتها لهذه الرواية، ولتوضيح الفكرة التي يريد الكاتب إيصالها تم تفكيك الرواية إلى عناصرها الأساسية وتحليلها على النحو الآتي:


العنوان

وفقًا لما ورد في قراءة تحليلية لهذه الرواية للكاتب عبد الكريم يحيى الزيباري يُلاحظ أنّ العنوان كان جاذبًا للقارئ ومدخلًا ملائمًا للنص؛ ففيه توظيف للاسم الأكثر غرابةً وحداثةً (كافكا) محور الأحداث في هذه الرواية.

المكان

وفقًا لما ورد عن الكاتبة والباحثة عواطف محجوب فقد دارت أحداث رواية كافكا على الشاطئ في عدد من المدن اليابانية، مثل مدينة (طوكيو)، ومدينة (تاكاماتسو)، لكن تأثيرات خارجية جمعت بين رؤى كافكا الحقيقي وانسيابية الموسيقى الكلاسيكية وسحر الشرق بحكايا ألف ليلة وليلة.


الشخصيات الرئيسية

تدور أحداث رواية كافكا على الشاطئ بين عدد من الشخصيات الرئيسية وفقًا لما ورد عن الباحثة والكاتبة عواطف محجوب في دراستها لهذه الرواية، وهي:

  • كافكا تامورا: هو فتى يقرر أن يغادر منزل والده في ليلة عيد ميلاده الخامس عشر هربًا من الجمود الذّي يلف علاقاته بمحيطه، ومن اللعنة التى توعده بها والده، حاملًا كمًّا من الهواجس والأفكار ليبحث عن نفسه وذاته.
  • ناكاتا: هو عجوز لطيف يمتلك موهبة خارقة وهي التحدث مع القطط، يعاني من خلل ذهني، ورغم ذلك فهو يعي جيدًا أنه يفتقد لذاته الأصلية التى خسرها في حادثة غامضة.


الشخصيات الثانوية

تدور أحداث رواية كافكا على الشاطئ بين عدد من الشخصيات الثانوية وفقًا لما ورد عن الباحث الأردني إبراهيم غرايبة في دراسته لهذه الرواية، وهي:

  • كرو: هو شخصية ترشد كافكا في تفكيره وقراراته، يتمثل له في هيئة غراب، ولعله تامورا نفسه أو جانب خفي من شخصيته.
  • ساكورا: هي فتاة يتعرف عليها كافكا في طريقه إلى المدينة النائية، تكبره بستة أعوام وكانت هي الأخرى مسافرة من طوكيو لتعمل مكان صديقتها مصففة الشعر.
  • هوشينو: هو شاب لم يكن يرى في الحياة سوى قيادة الشاحنات، يصبح في الأيام التي رافق فيها ناكاتا إنسانًا جديدًا فاهمًا للحياة ومحبًا للقراءة والموسيقى.
  • أوشيما: يمثل الشخصية التي تستقبل كافكا في المكتبة التي قرر كافكا أن يعيش فيها.
  • الآنسة ساييكي: هي مديرة المكتبة التي يذهب إليها كافكا في مدينة تاكاماتسو.


الأحداث الرئيسية

حسب ما ورد في الدراسة التحليلية لهذه الرواية للباحث والكاتب إبراهيم غرايبة تسير الأحداث في خطين متوازيين لقصتين متوازيتين؛ قصة (كافكا) الذي يخرج من بيت أبيه إلى مدينة (تاكاماتسو) ويحجز في فندق هناك ويمضي وقته في المكتبة الصغيرة، وعندما يصل كافكا إلى المكتبة يجد أنها المكان الذي كان يبحث عنه طوال حياته، وفي منتصف الليل يجد كافكا نفسه نائمًا في ساحة معبد (شينتو) وعلى ملابسه بقعة من الدم، تمر الأيام ويعمل كافكا في المكتبة ويعيش بضعة أيام في كوخ في غابة بعيدة.


أما القصة الثانية فهي قصة العجوز (ناكاتا) الذي تعرض لحادث في الحرب العالمية الثانية سبب له فقدانًا في الذاكرة وعجزًا عن القراءة والكتابة، لكنه في المقابل اكتسب القدرة على التحدث مع القطط ويدخل معها في حوارات طويلة عن الحياة والبشر، ويخبره أحد القطط أنّ مشكلته ليست في أنّه غبي كما يصفه الناس، لكنّ مشكلته أنّ ظله شاحب قليلًا، فيمضي ناكاتا في رحلة البحث عن الذات أو نصف ظله المفقود.

العقدة والحبكة

حسب ما ورد في الدراسة التحليلية لهذه الرواية للباحث والكاتب إبراهيم غرايبة يُقتل والد كافكا النحات المشهور، ويصل الخبر إلى كافكا فيتذكر ما كان يتنبأ له والده بأنه سيقتله بما يشبه "عقدة أوديب"، فينظر إلى يديه في الظلام فتبدوان مكسوتين بالدماء وتتملّكه أحاسيس أنه قتل والده بالفعل.


الحل

أصابت كافكا لعنة أوديب، فهرب إلى العبثية واللامعنى، إلى الصمت والبعد عن تعقيدات العالم مستسلمًا للموت لولا والدته التي ضخت دماء الحياة في عروقه، وأنهى ناكاتا مهمة نصف ظله ومات بعدما أوكل بباقي المهمة لشخص بعده، وبصورة عامة كانت النهاية مفتوحة تجعل القرّاء يُخمّنون الاحتمالات والطرق التي سيواجه بها كافكا الحياة، وفقًا لما ورد عن الباحثة عواطف محجوب في دراستها التحليلية لهذه الرواية.


السمات الفنية في رواية كافكا على الشاطئ

يُشار إلى أن رواية كافكا على الشاطئ تتسم بعدد من الخصائص والسمات الفنية حسب ما ورد في القراءة التحليلية للكاتبة عواطف محجوب لهذه الرواية، منها على سبيل الذكر لا الحصر ما يأتي:

  • المزج بين الواقع والخيال في أحداث الرواية.
  • وضوح عنصر التشويق بنسق متصاعد مع تواتر الأحداث.
  • الحفاظ على اللمسة السردية اليابانية.


ولقراءة تحليل المزيد من الروايات الفلسفية: رواية كانديد، رواية لاعب الشطرنج.