جمعت رواية فئران أمي حصة لكاتبها الروائي الكويتي سعود السنعوسي بصفحاتها وأحداثها بين الواقع والتاريخ والرمزية أيضًا، مما ساهم في انتشارها بصورة كبيرة، وتلقّيها اهتمامًا واضحًا من القرّاء ومن النقّاد كذلك، لذا في السطور التالية أدناه قدمنا لكم تحليلًا موجزًا لهذه الرواية.


تحليل رواية فئران أمي حصة

ناقش الكاتب في رواية رواية "فئران أمي حصة" ظاهرة التطرف الديني والطائفية التي شهدتها بلاده خلال فترة زمنية معيّنة، محذرًا منها ومبينًا خطرها وسلبياتها على المجتمع وأفراده، وداعيًا إلى حماية المجتمع في المستقبل من مثل هذه الظواهر،[١]ولفهم فكرة الرواية أكثر فيما يأتي تحليل موجز لها بتفكيكها إلى عناصرها الأساسية:


العنوان

حمل عنوان الرواية البليغ "فئران أمي حصة" دلالات ورموز تُشير إلى الفكرة العامة التي يتناولها هذا العمل الأدبي؛ فالمفردة الأولى "فئران" وهي حيوانات من القوارض، تقرض بأسنانها الأشياء وتنشر الخطر، فرمزت في الرواية إلى الخراب والفتنة في المجتمع، وقد جاءت جمعًا لتدلّ على كثرتها وانتشار تأثيرها، وأضيفت إلى المفردة الثانية "أمي" لتدلّ على أنها ليست غريبة ولا دخيلة، بل هي من أبناء المجتمع نفسه، فالأم هنا ترمز إلى الوطن الأم.[٢]


أما المفردة الثالثة وهي "حصة" التي تحمل معنى اللؤلؤ في البحار، وقد اختارها الكاتب في الرواية اسمًا للأم في إشارة إلى أنّ الوطن بكل ما فيه غالٍ وثمين، ولا بدّ من حمايته من نهش الفئران وقرضها، وتلك كلّها دلالات ذات صلة وثيقة بمضمون الرواية.[٢]


المكان

دارت أحداث رواية "فئران أمي حصة" بصورة أساسية في دولة الكويت ببيئاتها ومناطقها المختلفة، مع وجود بعض الأماكن الأخرى التي تمّ التعريج عليها لغايات معينة ولدور تؤديه في الرواية، مثل: لبنان، والعراق، وغزة، ولندن، وفي العموم قسمت الأماكن في العموم إلى أماكن مفتوحة، مثل المُدن في الكويت والعراق، وأخرى مغلقة، مثل: المدرسة، والمنزل، والفندق.[٣]


الشخصيات الرئيسية

جرت أحداث الرواية بين عدد من الشخصيات الرئيسية، وهي على النحو الآتي:[٤]

  • كتكوت "الراوي": يمثل شخصية البطل في الرواية، وهذا لقب أُطلق عليه وليس اسمه، يُذكر أنه نشأ في حيّ السرة في الكويت، كان يمتاز بالذكاء والفطنة، ولديه ارتباط شديد بحصّة ويُسميها أمّه، وكتكوت كان متأثرًا بالأحداث التي شهدها مجتمعه، وحاول كثيرًا تغيير واقعه.
  • حصة: هي عجوز طيبة ورقيقة القلب وبسيطة، رعت كتكوت وربّت فيه وفي أصدقائه أسمى المعاني، وكانت تروي لهم الحكايات والموروثات على عادة العجائز، ومن الجدير بالذكر أنّ الكاتب رَمَز بحصّة إلى الوطن.
  • فوزية: هي ابنة العجوز حصة، تملك صفات رقيقة كأمها، وقد كان كتكوت واقعًا في حبها لكن دون أن يُفصح عن ذلك لأحد، ولم يكن حظ فوزية في الحياة وفيرًا، فكانت مصابة بمرض السكر، كما كانت تمتنع عن قراءة الروايات -هوايتها المفضلة- جهرًا خوفًا من العادات والمورثوات المبنية على ذلك.
  • فهد وحوراء: فهد هو حفيد حصّة ابن ابنها صالح، أما حوراء فهي محبوبته التي تنتمي إلى طائفة دينية مختلفة عنه، لكنهما رفضا الانصياع للقيود المرتبطة بهذا الأمر.
  • صادق: هو شقيق حوراء، كانت الأحداث التي شهدها المجتمع وبالًا عليه؛ إذ قُتِل ضحية لأفكاره الطائفية.
  • ضاوي وأيوب: ضاوي هو شخص متشدد يُقدم على تنفيذ هجمات وأعمال مُنافية لأصل عقيدته متحججًا بها، أما ضاوي فهو الصديق الأقرب لكتكوت، كان يحمل فكرًا وسطيًا ويُعدّ مثالًا للوعي والخير.


الشخصيات الثانوية

جرت أحداث الرواية بين عدد من الشخصيات الثانوية، وهي على النحو الآتي:[٥]

  • والدا كتكوت: يكونان موجودين في لندن ويتركان كتكوت أمانة عند حصّة، لكنهما على اطلاع بأموره وأحواله، فكانا مُعارضَين لما يُقدِم عليه من نشاط خوفًا عليه.
  • عائشة وصالح: عائشة هي زوجة صالح ابن حصة، لم يكونا على قدرٍ كبيرٍ من الوعي.
  • عباس وزينب: هما والدا صادق وحوراء، كانا متشددين لطائفتهما، وكانت تربطهما بحصة علاقة مبنية على الاحترام والتوقير.
  • حصة الصغيرة: هي فتاة صغيرة تُشبه كتكوت في استفساراتها الكثيرة عمّا حولها.
  • التوأم: هما طفلان لطيفان، كانا يُحبان كتكوت وهو يحبهما، ويُلقيان عليه الأسئلة الفكرية كثيرًا.


الأحداث الرئيسية

جاءت الرواية مقسمة إلى أربعة فصول كلّ واحد منها يحمل اسم فأر كانت الأم حصة وعدت أحفادها بأن تروي لهم قصته، فيحكي الكاتب قصة مجموعة من الشباب عانوا في بلادهم من قضية التطرف الديني، فأرادوا مواجهتها ووقفها حتى لا تنهش في بلادهم أكثر، وهم: كتكوت، وفهد، وأيوب، وحوراء، وصادق، وفوزية، وضاوي، فيمضي الكاتب متنقلًا بين ذكرياتهم التي تجلّت فيها الطائفية حتى وهم أطفال صغار، تتخللها حكايات "حصة" التي ترمز إلى الأحداث التي شهدتها البلاد.[٦]


العقدة

عانت كل شخصية وأفراد عائلتها من ويلات الفتنة الطائفية، وفي ظلّ هذه الأزمات تشكلت جماعة تُدعى "أولاد فؤادة" هدفها درء الفتنة والحد من التطرف الدينيّ، وكان مؤسسوها هم كتكوت وفهد وصادق وضاوي وأيوب.[٦]


الحل

لم تستطع جماعة "أولاد فؤادة" إنهاء الخلافات والأزمات، وأصبح السلاح الحلّ الوحيد، فيُقتَل ضاوي غدرًا على يد المتطرفين، ويُقتَل صادق على يد فهد، فطاعون الطائفية اخترق الجميع حتى "أولاد فؤادة" أنفسهم.[٦]


السمات الفنية في رواية فئران أمي حصة

اتسمت رواية فئران أمي حصة للكاتب سعود السنعوسي بعدد من السمات الفنية والخصائص، منها ما يأتي:[٧]

  • استخدام اللغة العامية في الحوار بين الشخصيات من أجل إضفاء الواقعية، بينما استخدمت اللغة الفصيحة في السرد.
  • التنقل في الزمن بين الماضي والحاضر وتنوّع تقنياته، الأمر الذي كان يتطلب من القارئ في بعض الأحيان العودة إلى الخلف من أجل ربط الأحداث.
  • تنوّع التقنيات السردية المستخدمة في الرواية.
  • تعدد الشخصيات في الرواية واختيار نمطها بما يتوافق مع الفكرة الأساسية التي طرحها الكاتب.
  • توظيف الأمثال والتراث الشعبي في الرواية، وكان لذلك دور بارز في توسيع دلالاتها ورموزها.[٨]


ولقراءة تحليل المزيد من الروايات الجميلة التي تناولت موضوعات مختلفة: رواية ساق البامبو، رواية طشاري.

المراجع

  1. إشراق سامي عبد النبي، الهوية الفرعية في الرواية الخليجية، رواية فئران أمي حصة أنموذجًا، صفحة 3. بتصرّف.
  2. ^ أ ب وفاء جبر عبد عثمان، تجربة سعود السنعوسي الروائية، دراسة تحليلية نقدية، رواية فئران أمي حصة أنموذجًا، صفحة 24-29. بتصرّف.
  3. وفاء جبر عبد عثمان، تجربة سعود السنعوسي الروائية، دراسة تحليلية نقدية، رواية فئران أمي حصة أنموذجًا، صفحة 101. بتصرّف.
  4. وفاء جبر عبد عثمان، تجربة سعود السنعوسي الروائية، دراسة تحليلية نقدية، رواية فئران أمي حصة أنموذجًا، صفحة 83. بتصرّف.
  5. وفاء جبر عبد عثمان، تجربة سعود السنعوسي الروائية، دراسة تحليلية نقدية، رواية فئران أمي حصة نموذجًا، صفحة 93. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت هاجر بوحشيشة، التطرف الديني في رواية فئران أمي حصة لسعود السنعوسي، صفحة 147. بتصرّف.
  7. وفاء جبر عبد عثمان، تجربة سعود السنعوسي الروائية، دراسة تحليلية نقدية، رواية فئران أمي حصة أنموذجًا، صفحة 126. بتصرّف.
  8. جراح بن أحمد بن راكان الشمري، تجليات التراث الشعبي في رواية فئران أمي حصة لسعود السنعوسي، صفحة 29. بتصرّف.