حازت رواية ساق البامبو لمؤلفها الكاتب والروائي الكويتي سعود السنعوسي على الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) عام 2013م، وقد لاقت اهتمامًا واضحًا من النُقّاد والدارسين ومن القُرّاء أيضًا، وفي هذا المقال قدّمنا لكم تحليلًا مُفصّلًا لها.[١]


تحليل رواية ساق البامبو

يطرح سعود السنعوسي خلال الصفحات الــ (398) للرواية قضية الهوية الإنسانية والانتماء بكافة أشكاله، سواء الانتماء لثقافة أو دين أو أرض معينة، والصراع الداخلي الناجم عن ذلك، ولتوضيح الفكرة التي يريد الكاتب إيصالها تم تفكيك الرواية إلى عناصرها الأساسية وتحليلها على النحو الآتي:


العنوان

يشير الأستاذ الكبير الداديسي في دراسته التحليلية لرواية ساق البامبو إلى أنّ أهم ما يُثير الاهتمام بهذه الرواية من البداية هو عنوانها الغريب والملائم في نفس الوقت للفكرة التي يريد الكاتب إيصالها؛ إذ إنّ نبات البامبو الذي ينبت في أي مكان بلا جذور كان مُعبّرًا بدقّة عن ضياع هوية البطل الذي كان طيلة الأحداث يشعر أنّه لا توجد له جذور أو انتماء لمكان معين.


المكان 

تراوحت أحداث رواية (ساق البامبو) بين بلدين (الكويت) و(الفلّبين)، وقسمت إلى أماكن مفتوحة (مثل أرض الجدّ ميندوزا) وأخرى مُغلقة (مثل المسجد والكنيسة والبيت)، ويُلاحظ أنّ الأمكنة في هذه الرواية اختيرت بعناية؛ إذ إنّها عبّرت بدقّة عن حيرة البطل، وإحساسه بالتحرر والانطلاق في الأماكن المفتوحة، والضيق والضجر في الأماكن المغلقة، مما شكّل لديه صراعًا نفسيًا كبيرًا.[٢]


الشخصيات الرئيسية

دارت أحداث رواية ساق البامبو بين عدد من الشخصيات الرئيسية، وهي كما يأتي:[٣]

  • عيسى بن راشد الطاروف/ جوزيه ميندوزا: يعد عيسى بطل الرواية، وهو القوة الفاعلة في النص، ويُلاحظ أنّ البطل يحمل اسمين؛ (عيسى) بالعربية، و(جوزيه) بالفلبيني، وهذه الازدواجية في الاسم تؤكد حالة التيه التي كان يعيشها وضياع الهوية، وكان عيسى يقوم بدور الراوي في الرواية، وقدّم لنفسه وصفًا مباشرًا في البداية، وعبّر عن حيرته ورغبته في الانتساب إلى اسم واحد وهوية واحدة ودين واحد.
  • راشد الطاروف (والد عيسى): هو رجل كويتي من عائلة عريقة يعمل في المجال العسكري، وقد كان رجُل العائلة الوحيد، تزوج من الخادمة الفلبينية وأنجب منها عيسى، لكن عادات المجتمع حالت دون قيامه بدور الأب لعيسى وتأمين حياة مستقرة له. 
  • جوزافين (والدة عيسى): كانت جوزافين فقيرة وعلى قدر يسير من العلم والمعرفة، وكانت تدين بالديانة المسيحية.  
  • غنيمة (جدة عيسى): هي امرأة أرملة في الخمسين من عمرها، تسمى (السيدة الكبيرة)، وكانت امرأة قوية ومتسلطة يهابها الجميع ويخشون من غضبها، لكنها في نفس الوقت تهاب كلام الناس ونظرة المجتمع.
  • خولة (أخت عيسى من أبيه): كانت فتاة مثقفة وثرية، حاولت أن تساعد عيسى للاندماج مع الأسرة، لكن تقع تحت سيطرة المجتمع ونظرته غير الإنسانية.
  • غسان (صديق راشد): هو رجل كويتي من فئة البدون؛ أي الذين لا يحملون الجنسية الكويتية مع أنهم يعيشون في الكويت من عقود طويلة، يكون صديق راشد، ويلاحظ في قصته وجود خيوط مشتركة مع قصة عيسى الطاروف.
  • هند وعواطف ونورية: هنّ أخوات (راشد الطاروف/ عمّات عيسى)، كان لكلّ واحدة منهنّ موقفًا متباينًا من قضية عيسى ابن أخيهن راشد؛ هند كانت مع عيسى، نورية كانت ضدّ عيسى، وعواطف كانت مُحايدة.  


الشخصيات الثانوية

دارت أحداث رواية ساق البامبو بين عدد من الشخصيات الثانوية، وهي:[٣]

  • ميندوزا: هو جدّ عيسى لأمّه، وكان رجلًا مُحيّرًا بالنسبة لعيسى، وقد وصفه بشكل دقيق، ووصف مُقامراته وصراعاته مع الديكة.
  • آيدا (خالة عيسى): دفع الفقر والجوع والدي آيدا إلى استخدامها وسيلةً للعيش، ولو على حساب صحتها الجسدية والنفسية، وكانت آيدا تكره حديث والدة عيسى عن والده راشد، ولا تكفّ عن السخرية من جميع الرجال.
  • ميرلا: هي ابنة آيدا (خالة عيسى) أُمها فلبينية ووالدها يُعتقّد أنّه من أصل أوروبي، وقد كان حضورها في الرواية قويًا ومتواترًا، فقصتها تشبه بطريقة ما قصة عيسى الطاروف.
  • إينانغ تشولنغ: هي والدة ميندوزا، كانت عجوزًا كبيرةً طاعنةً في السن، وكانت تُعرَف بأنها مشعوذة الحي.
  • المجانين: هم مجموعة من الشبّان الكويتيين (مشعل وتركي وجابر ومهدي وعبدالله)، كانوا يتفاعلون مع قضايا وطنهم، وفي نفس الوقت يحبّون المتعة ويسافرون للسياحة والاستمتاع، يلتقي بهم عيسى الطاروف في الفلبين.       


الأحداث الرئيسية

وفقًا لما ورد عن الأستاذ الكبير الداديسي يطرح المؤلف سعود السنعوسي في روايته هذه قصة شابّ وُلِدَ من امرأة فلبينية التحقت للعمل خادمة عند عائلة كويتية عريقة، مكونة من الأم غنيمة و3 بنات وولد وحيد هو راشد، وقد حالت التقاليد الاجتماعية دون زواج راشد من فتاة أحبها، فعاش في صدمة عاطفية، الأمر الذي أدى إلى دخوله في تجربة عاطفية مع الخادمة التي تعمل لديهم، انتهت بزواج عُرفيّ والحمل بعيسى، وقد لاقى ذلك غضبًا شديدًا ورفضًا قويًا من أم راشد (غنيمة)، التي طلبت من ابنها التخلّي عن زوجته وابنه عيسى، فما فعله كان وصمة عار للأسرة وسُمعتها.[٤] 


تعود جوزافين وابنها عيسى إلى الفلبين، فينشأ عيسى بين أسرة فقيرة ويعيش حالة من التيه والتفكك، فهو لا يعرف لنفسه اسمًا واحدًا ولا دينًا واحدًا ولا أرضًا واحدة، لكنه يبقى على أمل أن يعود في يوم من الأيام إلى موطن أبيه، وتتوالى الأحداث والصراعات مع عيسى في محاولة إثبات هويته، حسب تحليل الأستاذ الكبير الداديسي.


العقدة والحبكة

يعيش عيسى الطاروف حياة مفككة في الفلبين؛ فجدّه (ميندوزا) مشغول بمصارعة الديكة، وتغيرت معاملته لعيسى بعد أن انقطع عن إعطائه المال، وأمه تسافر للخليج لتأمين مصاريف الحياة، ووسط ذلك كلّه يلتقي عيسى في الفلبين مع مجموعة من (المجانين الكويتيين)، فيُشاركهم رقصهم وعزفهم ويُخبرهم بقصته، فيُعطيه أحدهم ظرفًا فيه مبلغ من المال وينصحه بالعودة إلى الكويت، وآخر ينصحه بالبقاء في الفلبين حيث الحريّة والمتعة، لكنّ الحياة التي كان يحياها عيسى في الفلبين تشكّل له الدافع للرجوع إلى والده والعيش في الكويت "الجنّة أو بلاد العجائب" على حدّ تعبيره، حسب تحليل الأستاذ الكبير الداديسي.[٥]  


الحلّ

وفقًا لما ورد عن الأستاذ الداديسي من تحليل للرواية يتمكّن عيسى الطاروف من العودة إلى الكويت بمساعدة من صديق والده (غسان)، لكنّ العودة لم تكن كما يحلم عيسى؛ إذ يصل يوم وفاة أمير البلاد، ويكتشف أنّ والده (راشد) قد توفّي بعد أسره في حرب الخليج، ولم يلقَ القبول للانضمام إلى عائلته، فجدّته (غنيمة) بقيت على موقفها من رفضه والاعتراف به، ورتّبت له ملحق البيت كالخدم، وتنقسم العائلة بين مؤيد للاعتراف به وبين رافض، ويبقى عيسى في هذه الدوامة ليقرر في النهاية -بعد أن اقتنع أنه لا مكان له هنا- مغادرة منزل العائلة والاعتماد على نفسه، وعاد إلى الفلبّين وتزوّج من ابنة خالته.  


السمات الفنية في رواية ساق البامبو

اتسمت رواية ساق البامبو بعدد من الخصائص والسمات، يُذكَر منها ما يأتي:[٦]

  • التنويع في استخدام التقنيات الزمنية، ما بين إبطاء الزمن من خلال الوصف والحوار، وما بين تسريعه من خلال الحذف والتلخيص.
  • توظيف التضاد في الرواية لترسيخ الفكرة التي يُريد إيصالها الكاتب وما يعيشه البطل من اضطراب في الهوية الإنسانية.
  • اللجوء إلى تقنيات الوصف والتأمل، وقد ساعد ذلك على إبراز حجم المعاناة النفسية لبطل الرواية.
  • التنوع في التقنيات السردية المستخدمة في الرواية.


ولقراءة تحليل المزيد من الروايات في مجالات مختلفة: رواية عو، رواية سراب عفان.

المراجع

  1. ليلى الجريبة، -4-2.pdf سيميائية الشخصيات في رواية ساق البامبو، صفحة 2. بتصرّف.
  2. علي أحمد عمران، جماليات المكان الصور والوظائف رواية ساق البامبو نموذجًا، صفحة 6. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ليلى الجريبة، -4-2.pdf سيميائية الشخصيات في رواية ساق البامبو، صفحة 4-11. بتصرّف.
  4. ليلى الجريبة، -4-2.pdf سيميائية الشخصيات في رواية ساق البامبو، صفحة 4-6. بتصرّف.
  5. ليلى الجريبة، -4-2.pdf سيميائية الشخصيات في رواية ساق البامبو، صفحة 7-10. بتصرّف.
  6. حصة الدوسري، بنية الخطاب السردي في رواية ساق البامبو، صفحة 2-13. بتصرّف.