تصنّف رواية سيرة شجاع للكاتب والروائي المصري علي أحمد باكثير على أنها من الروايات التاريخية، وقد حازت على اهتمام واضح من النقاد والدارسين ومن القراء أيضًا، وفي هذا المقال قدمنا لكم تحليلًا مفصلًا عنها.[١]


تحليل رواية سيرة شجاع

يرصد الكاتب علي أحمد باكثير في هذه الرواية التاريخية مرحلة انتقال الحكم من الفاطميين إلى الأيوبيين، وما سبق ذلك من نزاعات ومناوشات بين الوزراء في بلاط آخر خلفاء الدولة الفاطمية، وما لحق ذلك من وقائع وأحداث تاريخية،[١] وللتوضيح أكثر حول الفكرة التي يريد الكاتب إيصالها إلى القارئ تم تفكيك الرواية وتحليلها إلى عناصرها الأساسية كما يأتي:


العنوان

بناء على ما ورد عن الأستاذ الدكتور الرشيد بو شعير في قراءته النقدية لهذه الرواية فإنّ العنوان "سيرة شجاع" يجعل القارئ يظنّ للوهلة الأولى أنّ هذا العمل هو سيرة لرجل شجاع، لكن عند البدء في القراءة والدخول أكثر إلى عالم الرواية يتضح أنّ بطلها اسمه شجاع وهو شجاع بالفعل، وأنّ الكاتب يسرد محطات من حياته وصفاته التي كان يُعرف بها، ليكون عنوان الرواية بذلك مرتبطًا ارتباطًا قويًا بمضمونها.


المكان

تدور الأحداث في رواية "سيرة شجاع" في مدينتي "القاهرة" و"الفسطاط" في مصر، وقد رصد الكاتب التحولات الفكرية التي شهدتها هذه المناطق في نهاية حكم الفاطميين نتيجة الوقائع التاريخية التي حدثت فيها.[٢]


الشخصيات الرئيسية

تدور الأحداث في رواية سيرة شجاع بين عدد من الشخصيات الرئيسية، وهي:[٣]

  • العاضد: هو من أشعل الصراع بين الوزير شاور وضرغام الذي كان يتطلع إلى الوزارة.
  • شاور: يعد من الشخصيات المركبة في الرواية، عُرِفَ عنه دهاؤه، فكان يتحالف مع نور الدين للعودة إلى الحكم، وعندما يسطع نجمه يثور في وجه العاضد، ويُجاري أسد الدين ثم يبدأ بالتمرد على نور الدين.
  • شجاع: هو ابن شاور، كان يتصف بأنه وطني ومجاهد وبار بوالديه، ويميل إلى منظومة أسد الدين وأبي الفضل لكن قلبه أسير طاعة والده، لذلك كان يعيش في صراع قوي داخله.


الشخصيات الثانوية

تدور الأحداث في رواية سيرة شجاع بين عدد من الشخصيات الثانوية، وهي:[٣][١]

  • المصلحون.
  • أبو الفضل الحريري.
  • ضرغام.
  • نور الدين.
  • صلاح الدين.


الأحداث الرئيسية

تبدأ أحداث الرواية بانتكاسة شاور وانتصار ضرغام وتولّيه للوزارة في عهد العاضد، إذ يهرب شاور إلى الشام بعد مقتل وَلَدَيه ويتحالف مع أسد الدين لاسترداد العرش المسلوب، ويرسل أبو الفضل الحريري رسالة إلى نور الدين يوصي بها على شاور ويحثّ على نصرته، وكان له ذلك بإرسال قوة كبيرة من الجيش على رأسهم أسد الدين وصلاح الدين لمحاربة ضرغام، ويرافق هذه الحملة العديد من الأحداث الجسيمة، وتنتهي بانهزام ضرغام وعودته إلى القاهرة والقضاء عليه هناك.[١]


يعود الحكم إلى شاور ويفرح الناس بهذا الانتصار، ويقرر تزويج ابنه شجاع من ابنة أبي الفضل، وتحدث بعد ذلك أحداث كثيرة، إذ يتحالف شاور مع العاضد والإفرنج على أسد الدين أمام رفض ابنه شجاع، ويتعرض شاور للخيانة من جماعة أبي الفضل التي تحالفت مع أسد الدين لإسقاط شاور، وقد أفضت هذه المواجهات إلى بقاء جيش الإفرنج في القاهرة والتحكم فيها حتى عاثوا فيها فسادًا، وقيام العديد من الحروب فيها.[١]

العقدة

بعد الحروب العديدة التي شهدتها مصر قرر أسد الدين النهوض بالقاهرة والفسطاط وإعادة بنائهما، فباشر بالتدخل في شؤون البلاد واستمر بالبناء والتجديد، مما أكسبه السلطة العليا، فلم يبقَ من سلطة شاور إلا الاسم فقط، حتى إنه تنازل عن دار الوزارة لأسد الدين، وكلّ ذلك كان دون رضاه من الداخل.[١]

الحل

كان شاور يُظهر لأسد الدين المحبة والمودة، لكنه كان يخطط لقتله بجدّية، إذ اتّفق مع العاضد والإفرنج لتدبير مكيدة للقضاء عليه، وكانت خطته أن يُقيم حفلًا كبيرًا على شرف أسد الدين يتم فيها إنهاء حياته، لكن يكتشف شجاع هذه الخطة ويحاول منع أبيه من تنفيذها ويحذره من العاقبة الوخيمة، إلا أنّ شاور يرفض نصيحة ابنه، فيشتمه شجاع ويصفه بالخائن، فما كان من شاور إلا أن أمر بقتله، فأجهز عليه الخدم حتى سقط أرضًا، وقد كان الأمل في نجاته ضئيلًا، وفي اللحظات القليلة التي استطاع شجاع الكلام فيها أوصى أسد الدين بأمه وزوجته، وأوصى زوجته إن رزقت غلامًا أن تطلق عليه اسم ضرغام بن شجاع، ثم زهقت روحه.[١]


السمات الفنية في رواية سيرة شجاع

تتسم رواية سيرة شجاع بعدد من الخصائص والسمات الفنية، منها ما يأتي ذكره:[٤]

  • استخدام تقنيات زمنية سردية متنوعة.
  • اللجوء إلى الحوار للكشف عن الملامح الفكرية للشخصيات.
  • استخدام اللغة العربية الفصحى.
  • استخدام مفردات وتعابير تخدم الفكرة التي يريد الكاتب إيصالها إلى القارئ.


ولقراءة تحليل المزيد من الروايات التاريخية: رواية رادوبيس، رواية النداء الخالد.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ عبد الله عمر الخطيب، روايات علي أحمد باكثير دراسة في الرؤية والتشكيل، صفحة 38. بتصرّف.
  2. عبد الله عمر الخطيب، روايات علي أحمد باكثير دراسة في الرؤية والتشكيل، صفحة 128. بتصرّف.
  3. ^ أ ب طه حسين الحضرمي، مقومات التواصل مع الآخر في سيرة شجاع، صفحة 6. بتصرّف.
  4. عبد الله عمر الخطيب، روايات علي أحمد باكثير دراسة في الرؤية والتشكيل، صفحة 108-149. بتصرّف.