تعد رواية رادوبيس لمؤلفها المصري نجيب محفوظ من الروايات التاريخية التي تناولت التاريخ الفرعوني المصري القديم، ويُشار إلى أنها حازت على عناية واضحة من النقاد والدارسين ومن القراء أيضًا، لذا قدمنا لكم في هذا المقال تحليلًا مفصلًا لها.[١]
تحليل رواية رادوبيس
تناول الكاتب نجيب محفوظ في روايته هذه مرحلة من تاريخ مصر الفرعونية، من خلال عرض الأحداث التاريخية والعلاقة العاطفية، والتي كشف من خلالها عن غياب فعل الإنسان وقوته وتفكيره، كما تبين أن الكاتب في هذه الرواية أسقط التاريخ على الواقع،[٢] ولتوضيح الفكرة التي يريد الكاتب إيصالها تم تفكيك الرواية إلى عناصرها الأساسية وتحليلها كما يأتي:
العنوان
وفقًا لما ورد عن الباحث شوقي بدر يوسف في دراسته لسيميائية العنوان عند نجيب محفوظ فقد شكّل العنوان "رادوبيس" الإشارة الأولى إلى الإطار العام للرواية بأنها رواية تاريخية فرعونية، إلى جانب الإشارة إلى الشخصية الرئيسية المؤثرة في الأحداث وبنائها وتطورها، لتتضح بذلك العلاقة بين العنوان والمتن الروائي.[٣]
المكان
تدور الأحداث في رواية "رادوبيس" في مصر القديمة ومُدنها وعاصمتها "آبو" وجزيرة "بية"، انطلاقًا من الأحداث التاريخية التي تناولتها هذه الرواية.[٤]
الشخصيات الرئيسية
تدور الأحداث في رواية رادوبيس بين عدد من الشخصيات الرئيسية، وهي:[٥]
- رادوبيس: تعد الشخصية المحورية في الرواية، وهي فتاة جميلة صاحبة حكمة وشجاعة، أحبت الملك "فرعون" واستطاعت أن تجعله أسعد إنسان.
- الملك فرعون: اسمه مرن رع الثاني، قدّمه الكاتب بصورة الشخص المستبدّ والمهمل لواجباته تجاه مملكته نتيجة خضوعه لرادوبيس.
الشخصيات الثانوية
تدور الأحداث في رواية رادوبيس بين عدد من الشخصيات الثانوية، وهي:[٦]
- الملكة نيتوقريس: تجسد صورة المرأة الصابرة والمثابرة والمُخلصة لوطنها، بالرغم مما عانته من زوجها الملك فرعون من خيانة مع رادوبيس.
- بنامون: هو شاب صغير السن يملك موهبة الرسم، فهو الذي زخرف جدران الحجرة الصيفية في قصر رادوبيس.
- شيث: هي خادمة رادوبيس، كانت ترافقها وتساعدها دائمًا، كما كانت تُعلِمها بكل ما يجري حولها، وهي من أقرب الخدم والجاريات إلى سيدتها رادوبيس.
- الساحرة ضام: تعيش هذه الشخصية حالة اجتماعية سيئة، فكان الناس يسخرون منها ولا يصدقونها.
- سوفخاتب: يعد من الشخصيات المساعدة للملك فرعون، وكان يؤدي واجبه على أكمل وجه.
- خنوم حتب: هو رئيس الوزراء في مملكة الملك فرعون، أصبح شخصية معارضة للملك عندما أهمل شؤون مملكته.
الأحداث الرئيسية
وفقًا لما ورد عن مجموعة من الباحثين في دراسة لهذه الرواية تبدأ الأحداث بمظاهر الاحتفال بعيد النيل وهتاف الناس للملك ورئيس الوزراء، ثم ظهور "رادوبيس" وحديث الناس عنها، وامتلأ الجو بالحماسة، وقد رأت رادوبيس الملك فرعون "مرن رع الثاني" لأول مرة، فتأثرت رادوبيس بما حدث وعادت إلى قصرها تحمل في قلبها صورة الملك الذي لم يعرف الحب قبل رؤيته، وعند وصولها إلى حديقة قصرها حلق نسر بالقرب من البركة وأخذ صندلها الذهبي الثمين وطار بعيدًا وسط نظرات الدهشة والفزع من رادوبيس والخَدَم.[٧]
كان الكهنة ثائرون على الملك الشاب لأنه يريد أن يأخذ بعض الأراضي المخصصة للمعابد لبناء القصور والمقابر ويتمتع هو بحياة سعيدة، وفي أثناء الحديث بين الملك والكهنة سقط في حِجر الملك صندل ذهبي ألقاه نسر محلق في السماء، فأمسك الملك بالصندل وفحصه بعناية، فوجد على باطمه صورة فارس وسيم يقدم قلبه هدية على يديه، ومن تلك الصورة عرف "سوفخاتب" صاحبة الصندل وأخبر مولاه عن جمالها، لتبدأ من هنا علاقة الحب بين رادوبيس والملك.[٧]
العقدة
وفقًا لما ورد عن مجموعة من الباحثين في دراسة لهذه الرواية انتشر خبر علاقة رادوبيس بالملك بسرعة، الأمر الذي زاد من غضب الكهنة والشعب على الملك، فوضعت رادوبيس خطة لإسكاتهم، لكنها فشلت وبدأت الاشتباكات بين الشعب وجنود الملك والمطالبات بأن تكون نيتوقريتس حاكمةً للبلاد بدلًا من "مرن رع الثاني".
الحل
وفقًا لما ورد عن مجموعة من الباحثين في دراسة لهذه الرواية قرر الملك أن يخرج لشعبه وحيدًا بعد أن قدمت له نيتوقريتس ولاءها، فارتدى لباسه الحربي ووقف عند بوابة القصر وأمر الحراس بالانسحاب من عنده، فدُهش الناس من وقوف الملك وحده هكذا، وفجأة من بين الجموع انطلق سهم استقرّ في جسد الملك، الذي أدرك نهايته وطلب أن يموت ولفظ أنفاسه الأخيرة بين يدي رادوبيس، وبعد ذلك قررت رادوبيس إنهاء حياتها بالسم.
السمات الفنية في رواية رادوبيس
تتسم رواية رادوبيس بعدد من الخصائص والسمات الفنية، منها على سبيل الذكر لا الحصر ما يأتي:[٨]
- الاعتماد على الراوي الغائب في سرد أحداث الرواية.
- تضمين الرواية مشاهد حوارية قصيرة.
- الاعتماد على تقنية الوصف في الكثير من مواضع الرواية.
- كانت لغة السرد في الرواية تجمع بين التقريرية والبيانية مع الفصاحة.
- استخدام ألفاظ سهلة وواضحة ومُعبّرة.
ولقراءة تحليل المزيد من الروايات التاريخية: رواية غادة كربلاء، رواية الطنطورية.
المراجع
- ↑ حليمة أوشيش، الشخصية الروائية في أعمال نجيب محفوظ رواية "رادوبيس" أنموذجًا، صفحة 53. بتصرّف.
- ↑ حليمة أوشيش، الشخصية الروائية في أعمال نجيب محفوظ رواية "رادوبيس" أنموذجًا، صفحة 49. بتصرّف.
- ↑ شعبان عرفات خليل، فرعونيات نجيب محفوظ بين المؤثرات الأجنبية وقضايا الواقع المعاصر، صفحة 35. بتصرّف.
- ↑ شعبان عرفات خليل، فرعونيات نجيب محفوظ بين المؤثرات الأجنبية وقضايا الواقع المعاصر، صفحة 40. بتصرّف.
- ↑ حليمة أوشيش، الشخصية الروائية في أعمال نجيب محفوظ رواية "رادوبيس" أنموذجًا، صفحة 56. بتصرّف.
- ↑ حليمة أوشيش، الشخصية الروائية في أعمال نجيب محفوظ رواية "رادوبيس" أموذجًا، صفحة 67. بتصرّف.
- ^ أ ب شعبان عرفات خليل، فرعونيات نجيب محفوظ بين المؤثرات الأجنبية وقضايا الواقع المعاصر، صفحة 19. بتصرّف.
- ↑ شعبان عرفات خليل، فرعونيات نجيب محفوظ بين المؤثرات الأجنبية وقضايا الواقع المعاصر، صفحة 40-83. بتصرّف.
