تعد رواية الطنطورية لمؤلفتها المصرية رضوى عاشور الرواية التاريخية الخامسة وآخر إنتاج روائي لها، وقد لاقت اهتمامًا كبيرًا من النقاد والدارسين ومن القراء أيضًا، وفي هذا المقال قدمنا لكم تحليلًا مفصلًا لها.[١]


تحليل رواية الطنطورية

يُلاحظ أنّ الكاتبة في هذه الرواية تحمل عبء همّ التغريبة الفلسطينية من عام 1948م مرورًا بكلّ حدث لامس شغاف هذه القضية وحتى الوقت الحاضر،[١] ولتوضيح الفكرة التي تريد الكاتبة إيصالها تم تفكيك الرواية إلى عناصرها الأساسية وتحليلها على النحو الآتي:


العنوان

يشير عنوان الرواية إلى "رقية الطنطورية" التي تمثل الشخصية الرئيسية والمحورية فيها، كما يقدم قرية "الطنطورة" من منظور نسويّ، وبذلك يبين العنوان للقارئ العلاقة بين رقية بوصفها امرأة والطنطورة بوصفها قرية؛ أي أنّ قضية تحرير المرأة ليست مفصولة عن تحرير الوطن.[٢]

المكان

وفقًا لما ورد عن الدكتور مصطفى الضبع في قراءته السيميو تأويلية لهذه الرواية تدور الأحداث في قرية (الطنطورة) الواقعة على الساحل الفلسطيني جنوب مدينة حيفا قُرب بلدة صفورية، مرورًا بـ (أبو ظبي) و(بيروت) وصولًا إلى (الإسكندرية)، ويُذكر أن هذه القرية "الطنطورية" تعرضت عام 1948م لمذبحة وحشية بعد أن كان أهلها يعيشون بأمن وسلام.[١]


الشخصيات الرئيسية

تدور الأحداث في رواية الطنطورية حول شخصية رئيسية محورية واحدة، وهي:[٣]

  • رقية: هي امرأة بسيطة تحكي حياتها منذ طفولتها ووقوعها بالحب لأول مرة، وفي هذه الرواية تمثل رقية السارد الضمن في أغلب الأحيان، وتحكي الكثير من المآسي التي عاشتها، وهي بذلك تجسد شخصية المرأة الفلسطينية المناضلة والتي تحاول الحفاظ على الهوية الفلسطينية رغم الشتات.


الشخصيات الثانوية

تدور الأحداث في رواية الطنطورية بين عدد من الشخصيات الثانوية، وهي:[٣]

  • أبو الصادق: هو والد رقية وصادق وحسن وزوج زينب، وافق على زواج ابته رقية من ابن عين غزال.
  • زينب: هي والدة رقية وأخت حليمة، كانت في بداية الرواية رافضة لزواج رقية من ابن عين غزال وخائفة عليها، لكنها عندما احتل الصهاينة القرية كانت قائدة ذكية قوية لا تخشى المخاطر.
  • صادق وحسن: هما شقيقا رقية، ذهبا للعمل في حيفا، وأصبحا مصدر المعلومات للقرية لما يدور حولها من أحداث.
  • أبو الأمين: هو زوج حليمة، يؤدي دورًا مهمًا في بناء صرح الذكريات في أحداث هذه الرواية.
  • حليمة: هي أخت زينب وخالة رقية، وهي الوحيدة التي بقيت من عائلة رقية.
  • أمين: هو زوج رقية، درس الطب وعمل طبيبًا في الهلال الأحمر الفلسطيني بعد انتقاله مع رقية إلى بيروت.
  • عز الدين: يتزوج من كريمة الصفورية بنت الشتات الأكثر قسوة، وتحكي قصتهما عالم المخيمات المفروضة في لبنان.
  • مريم: هي فتاة تتبناها رقية وزوجها أمين بعد أن دمرت قذيفة صهيونية بيتها.
  • صادق (ابن رقية): يعيش صادق حالة من الرفاهية، يدرس الطب ويسافر إلى أبو ظبي للحصول على المال، ويحاول قدر المستطاع أن يتحمل مسؤولية أسرته ومعيشتها.
  • حسن (ابن رقية): يمثل خيار العلم، فيسافر إلى مصر للالتحاق بالجامعة، ثم إلى كندا لإكمال دراساته العليا، يطلب حسن من أمه كتابة قصة الطنطورية كشاهدة على ما حدث فيها من جرائم.


الأحداث الرئيسية

تحكي الكاتبة قصة قرية الطنطورية على لسان البطلة رقية، فتحكي تفاصيل الحياة اليومية على أرض آمنة لا تعرف ما ينتظرها، ثم فجأة تأخذ القارئ إلى قلب النكبة، فيراها وأسرتها تلملم أشياءها وتودع أرضها ودارها، ومفتاح الدار الكبير معلق بحبل حول رقبة والدة رقية، لتهرب العائلة إلى حياة جديدة صعبة ومختلفة، فتركز الرواية على تفاصيل الحدث الرئيس مستحضرة معاناة الشعب الفلسطيني الذي شُرّد عن أرضه بعد سلسلة مذابح قام بها الاحتلال الإسرائيلي، خاصةً مذبحة الطنطورية.[٤]


يُقتَل في مذبحة الطنطورية والد رقية وشقيقاها، فتراهم بين أكوام القتلى أثناء ركوبها في الشاحنة للهرب إلى مكان لا تعلمه، فتُنبّه أمها إلى ذلك، والتي من شدة ألمها تُنكر فقدانهم وموتهم، فيتضح من خلال مذبحة الطنطورية أثرها في الشخصيات وسلوكها.[٤]

العقدة والحبكة

تُكمل الكاتبة سرد حكايات الشعب الفلسطيني في الشتات والمخيمات على شكل سيرة ذاتية لبطلة الرواية رقية، موضحة من خلالها ما أصاب الشعب الفلسطيني جراء ما يُعرَف بالتطهير العِرقي في المخيمات الفلسطينية، وما حدث من اعتداء على مركز الأبحاث الفلسطيني في بيروت، ومجزرة صبرا وشاتيلا التي توفي فيها زوج رقية.[٤]


الحل

تذهب أسرة رقية إلى جزيرة (بيريوس) للاحتفال بزواج ابنها حسن، بعد أن تعذر لقاء الأسرة بسبب تشرذمها في مختلف بِقاع الأرض إلا على تلك الأرض، وتُكمل الكاتبة الأحداث بذكر ما فعله الصهاينة من قتل لرموز الأدب والفكر من رجالات فلسطين في الغربة والشتات، وتذكر حادثة اغتيال رسام الكاريكاتير ناجي العلي.[٤]


السمات الفنية في رواية الطنطورية

يُشار إلى أنّ رواية الطنطورية تتسم بعدد من الخصائص والسمات الفنية، وفقًا لما ورد عن الدكتور مصطفى الضبع في قراءته السيميو تأويلية لهذه الرواية، ومنها على سبيل الذكر لا الحصر ما يأتي:

  • تراوح الحركة الزمنية بين الماضي والحاضر والمستقبل لخدمة عملية السرد.
  • تدفق السرد وانسيابه من خلال توزيع الحبكة على كامل النص.
  • استخدام اللغة الشعرية.


ولقراءة تحليل المزيد من الروايات التاريخية: رواية سيرة شجاع، رواية غادة كربلاء.

المراجع

  1. ^ أ ب ت خلود جراد، تطور البناء الدرامي التاريخي في روايات رضوى عاشور، صفحة 212. بتصرّف.
  2. كبري روشنفكر، هادي منظم، سميرا راد، شخصية المرأة في رواية الطنطورية، صفحة 3. بتصرّف.
  3. ^ أ ب بشرة بدرة، عائشة تروني، مكونات الفعل السردي في رواية الطنطورية، صفحة 31. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث خلود جراد، طور البناء الدرامي التاريخي في روايات رضوى عاشور، صفحة 213. بتصرّف.