تعد رواية رحلة ابن فطومة لمؤلفها المصري نجيب محفوظ من الروايات التراثية والرمزية، حسب ما ورد عن الكاتب والباحث حامد رمضان في قراءته التحليلية لها، وقد حازت هذه الرواية على مساحة من دراسات النقاد والدارسين ولاقت اهتمامًا من القراء، وفي هذا المقال قدمنا لكم تحليلًا مفصلًا لها.


تحليل رواية رحلة ابن فطومة

تمثل رواية "رحلة ابن فطومة" رحلة البحث عن دار مُبتغاة، ربما البحث عن نظام أمثل للحكم وللحياة الاجتماعية ولطرق العيش، يتحقق فيها نظام الحكم الكامل الذي يوفر العدل والعدالة والحرية والأمان لكل المحكومين، وفقًا لما ورد عن الكاتب والباحث حامد رمضان في قراءته التحليلية لهذه الرواية، ولتوضيح الفكرة التي يريد الكاتب إيصالها تم تفكيك الرواية إلى عناصرها الأساسية وتحليلها على النحو الآتي:


العنوان

يستثير عنوان الرواية جملة من التساؤلات عند القارئ حول رؤية العمل المركزية، فلفظ "رحلة" يُحيل بدلالته المباشرة إلى الانتقال من مكان إلى آخر، وهي رحلة في الزمان والمكان للكشف عن آفاق متعددة، وتكتسب الرحلة دلالات إضافية عند إضافتها إلى "ابن فطومة"؛ إذ تُحيل إلى التراث الذي تعددت فيه أشكال الرحلة من رحلة مكانية زمانية إلى رحلة رمزية فكرية، والعنوان بحدّ ذاته يربط القارئ برحلة تاريخية لها حضورها في التراث العربي، وهي رحلة "ابن بطوطة".[١]


المكان

وفقًا لما ورد عن الكاتب والباحث حامد رمضان في قراءته التحليلية لهذه الرواية فإنّ نجيب محفوظ رتّب البلدان التي زارها البطل "ابن فطومة" ترتيبًا يستند إلى تعدد الأنظمة السياسية والاجتماعية والدينية، فـ (دار الوطن) مسقط رأس الرحالة يمثل (دار الإسلام) التي تشيع فيها مظاهر الظلم والاستبداد، ثم (دار المشرق) التي تمثل الوثنية والبدائية، ثم (دار الحلبة) التي تمثل البلدان الرأسمالية، و(دار الأمان) التي تمثل البلدان الاشتراكية، أما (دار الغروب) فهي "المطهر" الذي لا بد من عبوره للوصول إلى (دار الجبل) التي تمثل حلم الإنسان في تجاوز النقص في البلاد الأخرى، وهي أسماء من وحي الخيال.


الشخصيات الرئيسية

تدور الأحداث في رواية ابن فطومة حول شخصية رئيسية محورية واحدة، وفقًا لما ورد عن الكاتب والباحث حامد رمضان في قراءته التحليلية لهذه الرواية، وهي:

  • محمد قنديل العنابي/ ابن فطومة: هو الرحالة الذي انتقل من موطنه عبر رحلة مرسومة في ذهنه مسبقًا بعدما ضاعت منه حليمة التي أحبّها وتزوجت أمه من شيخه مغاغة، ويتعرض خلال هذه الرحلة للعديد من المواقف والحوادث.


الشخصيات الثانوية

تدور الأحداث في رواية ابن فطومة بين عدد من الشخصيات الثانوية، وهي:[٢]

  • الشيخ مغاغة: هو معلم ابن فطومة وشيخه الذي علمه القرآن واللغة والحساب، وقد ترك فيه أثرًا بالغًا، واستلهم منه فكرة الرحلة، التي قام بها في الأساس الشيخ مغاغة دون أن يتمكن من إكمالها.
  • فطومة الأزهري: هي فتاة جميلة أحبها والد محمد قنديل وهو في الثمانين من عمره وتزوجها، وأقام معها في دار سجلها باسمها، وقد أحدث زواجهما غضبًا شديدًا في الأسرة المكونة من سبعة أبناء، وما يزيد غضبهم إنجاب فطومة للطفل (محمد قنديل) لكن إخوته أطلقوا عليه "ابن فطومة".
  • حليمة: هي ابنة الشيخ عدلي الطنطاوي، يقع ابن فطومة في حبها، لكن يتزوجها الحاجب الثالث للوالي.


الأحداث الرئيسية

يحكي الكاتب في هذه الرواية قصة الرحالة محمد قنديل المعروف بابن فطومة، كان أبوه تاجرًا ثريًا، أنجب سبعة أبناء أصبحوا تجارًا مرموقين، وعندما تجاوز الأب الثمانين من عمره وقع نظره على فتاة جميلة عمرها سبعة عشر عامًا فتزوجها، وقد أحدث ذلك الزواج غضبًا عارمًا في أسرته، ازداد وتضاعف حين أنجبت الأخ الثامن لهم، فتبرأ إخوته منه وشككوا في نسبه، وعندما مات الأب ترك ثروة مُجزية للابن الصغير وأمه، وقد أصبح قنديل يتعلم عند الشيخ مغاغة.[٢]


العقدة والحبكة

تتزوج حليمة محبوبة ابن فطومة من غيره ويتزوج الشيخ مغاغة من والدته، فكانت هذه الأحداث كفيلة بتعزيز فكرة الرحلة في نفس ابن فطومة وتعجيلها، فيقرر الارتحال وفي نيّته الوصول إلى دار الجبل، التي تمثل الحلم والمُبتغى والكمال، وقد مرّ في رحلته بعدد من الأماكن كان يسجل خلالها مشاهداته وملاحظاته راصدًا أوجه التشابه والاختلاف بينها وبين وطنه الذي غادره بهدف العودة بالدواء الشافي.[٢]


الحل

وفقًا لما ورد عن الكاتب والباحث أحمد الليثي في دراسته التحليلية لهذه الرواية يذهب ابن فطومة إلى الدار الأخيرة التي يغلب عليها الطابع الصوفي، ويرى أنّ كلّ من فيها لا يعمل إلا شيئًا واحدًا وهو الاستعداد للذهاب إلى (دار الجبل) الدار الأخيرة التي ليس بعدها شيء.


السمات الفنية في رواية ابن فطومة

بعد قراءة رواية ابن فطومة يُلاحَظ أنها تتسم بعدد من الخصائص والسمات الفنية، منها على سبيل الذكر لا الحصر ما يأتي:[٣]

  • اللجوء إلى الترميز والرسائل الرمزية جعل منها الكاتب إسقاطات على الوقت الراهن، تعبر عن رحلة الإنسانية في بحثها عن الحقيقة.
  • استخدام أسلوب الإيحاء والتلميح.
  • استخدام التركيز والتكثيف والصراع في أزمنة وأمكنة متعددة.


ولقراءة تحليل المزيد من الروايات الرمزية: رواية عو، رواية بلد العميان.

المراجع

  1. مفلح الحويطات، Hweitat.pdf شعرية السرد دراسة في رواية "رحلة ابن فطومة"، صفحة 4. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت مفلح الحويطات، Hweitat.pdf شعرية السرد دراسة في رواية "رحلة ابن فطومة"، صفحة 3. بتصرّف.
  3. إيمان أبو سمرة، الفضاء الروائي في "رحلة ابن فطومة" لنجيب محفوظ دراسة سيميائية، صفحة 37. بتصرّف.