يُشار إلى أنّ رواية اللص والكلاب لمؤلفها المصري نجيب محفوظ مستوحاة من قصة سفاح الإسكندرية "محمود أمين سليمان" الشهيرة عام 1961م، والتي مثّلت بالنسبة له الفرصة للتعبير عن أفكاره، وقد شغلت "اللص والكلاب" حيزًا كبيرًا من الدراسات الأدبية ولاقت اهتمامًا واضحًا من القراء، وفي هذا المقال قدمنا لكم تحليلًا مفصلًا لها.[١]


تحليل رواية اللص والكلاب

تمثل رواية اللص والكلاب صراعًا بين إرادتين؛ إرادة الفرد الذي فقد اتجاهه وقادته رغبته في الانتقام، وإرادة الحركة الاجتماعية الصاعدة التي تواجهه، فوضّح علاقة الإنسان بالسلطة وبمجتمعه،[٢] ولتوضيح الفكرة التي يريد الكاتب إيصالها تم تفكيك الرواية إلى عناصرها الأساسية وتحليلها على النحو الآتي:


العنوان

وفقًا لما ورد في دراسة تحليلية لهذه الرواية للكاتب أيمن المناصر فقد جاء عنوان الرواية مفتاحًا يُعطي لمحةً للقارئ عما هو مخبأ بين السطور، ويُبرز من خلاله الثنائية التي يعرضها للفرد مقابل المجتمع.

المكان

تدور أحداث رواية اللص والكلاب في مدينة القاهرة رصد نجيب محفوظ الفضاءات المتناقضة فيها في مرحلة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي؛ إذ كانت تتصف بالتفاوت الاجتماعي والصراع الطبقي، ويُلاحظ أنّ الأماكن في هذه الرواية قسمت إلى أماكن مفتوحة (مثل: الحارات المكتظة بالناس، والشارع، وميدان القاهرة) وأخرى مغلقة (مثل: السجن، والمقهى، والمنزل)، وذلك وفقًا لما ورد في دراسة تحليلية شاملة لهذه الرواية لمجموعة من الدارسين.


الشخصيات الرئيسية

تدور أحداث رواية اللص والكلاب بين عدد من الشخصيات الرئيسية وفقًا لما ورد في دراسة تحليلية شاملة لهذه الرواية لمجموعة من الدارسين، وهي:

  • سعيد مهران: هو شاب فقير في الثلاثين من عمره، كان متأثرًا بصديقه رؤوف علوان الذي أخذ عنه القيم الاشتراكية، وأحل له السرقة كطريقة للانتقام.
  • نبوية وعليش: كانت نبوية زوجة سعيد مهران، لكنها اتفقت هي وعليش وتخلصا من سعيد بإدخاله في السجن وتزوجت منه، فأخذا ماله وابنته سناء، وهذه الخيانة هي ما دفعت سعيد للانتقام منهما.
  • رؤوف علوان: هو صحفي يعمل في جريدة "الزهرة"، يؤدي في الرواية دورين متناقضين؛ التأثير في سعيد مهران بالثقافة والقيم الاشتراكية، ثم تحوّله إلى عدو لسعيد مهران بعد خروجه من السجن.

الشخصيات الثانوية

تدور أحداث رواية اللص والكلاب بين عدد من الشخصيات الثانوية وفقًا لما ورد في دراسة تحليلية شاملة لهذه الرواية لمجموعة من الدارسين، وهي:

  • نور: هي فتاة الليل التي التقت بسعيد مهران بعد خروجه من السجن، فأحبته وساعدته بكل ما تملك في تحقيق انتقامه.
  • الشيخ علي الجنيدي: هو شيخ متصوف دائم الصلاة والذكر لله تعالى، كان يلجأ إليه سعيد مهران كلما ضاقت به السبل، فأصبح منزله ملاذًا وملجأ له.
  • المعلم طرزان: هو صديق سعيد مهران يملك مقهى، كان يحب سعيد ويساعده، فهو من أعطاه المسدس لتنفيذ رغبته في الانتقام، الأمر الذي كان له أثر كبير في تطوير الأحداث.


الأحداث الرئيسية

يحكي نجيب محفوظ -وفقًا لما ورد في دراسة تحليلية شاملة لهذه الرواية لمجموعة من الدارسين- قصة سعيد مهران الذي خرج من السجن بعد أربع سنوات ولم يجد أحدًا في انتظاره، وتذكر كيف دخل السجن بعد خيانة من مساعده السابق عليش وطليقته نبوية فيقرر الانتقام منهما، وقبل الانتقام يعود سعيد إلى الحي ليلتقي مع عليش ويستعيد ابنته سناء، لكن الطفلة لم تتعرف على والدها ولم تتجاوب معه، فيرضخ سعيد للأمر الواقع ويُغادر الحي.


بذهب سعيد إلى الشيخ علي الجنيدي ويخبره أنه لم يجد مكانًا يأوي إليه، ويطلب منه أن يقبل ضيافته إلى أن يحقق الانتقام من زوجته الخائنة وعليش الغادر رافضًا محاولة الشيخ ثنيه عن قرار الانتقام بالتركيز في حواره على القيم الروحية المبنية على الإيمان، وبعد قضاء سعيد ليلته الأولى في ضيافة الشيخ علي الجنيدي يتوجه إلى صديقه رؤوف، حيث انتظره قرب بيته بعدما فشل في مقابلته في مقر جريدة "الزهرة"، فيتبادلا ذكريات الماضي، ويحكي سعيد لرؤوف ما جرى معه بعد خروجه من السجن، وطلب منه أن يجد له عملًا في الجريدة معه، لكن رؤوف يرفض ويعطيه عشرة جنيهات، وهذا ما اعتبره سعيد إهانة له.


بعد اللقاء مع رؤوف يستكمل شريط الخيانة التي تلقاها سعيد من أقرب الناس إليه؛ عليش ونبوية، ثم رؤوف الانتهازي الذي زرع فيه مبادئ التمرد وتنكّر هو لها، فكان كل ذلك دافعًا قويًا لاتخاذ قرار الانتقام، والبداية كانت من رؤوف؛ إذ حاول سعيد سرقته لكنه فشل في ذلك.


يتوجه سعيد إلى مقهى المعلم طرزان الذي يُعطيه مسدسًا لينفذ به خطته بالانتقام، وهناك يلتقي بفتاة الليل نور التي تقدم له المساعدة وتؤمن له السيارة التي سيحتاجها في تنفيذ خطته؛ فذهب إلى منزل عليش وعندما لاح له شبح رجل أطلق النار عليه ثم هرب مُسرعًا، وبقي مختبأ بعد ذلك في منزل نور.


العقدة والحبكة

يلتقي سعيد مع أحد رجالات عليش ويهدده ليدلّه على مكانه، لكنه لم يستطع معرفة مكانه، فيغير وجهته للانتقام من رؤوف ويذهب إلى بيته متنكرًا ببدلة ضابط عسكري، وبعد تبادل لإطلاق النار يكتشف سعيد أنه لم يُصب رؤوف وإنما كان الضحية بوّاب الشقة، وفقًا لما ورد في دراسة تحليلية شاملة لهذه الرواية لمجموعة من الدارسين.


الحل

وفقًا لما ورد في دراسة تحليلية شاملة لهذه الرواية لمجموعة من الدارسين تختفي نور ولا يبقى لها أثر، فيقرر سعيد ترك منزلها والبحث عن مكان آخر، وفي الليلة التالية يعود ليُحضر بدلة الضابط التي نسيها في شقة نور، فيفتح له الباب رجل غريب يضربه سعيد ويفرّ هاربًا، ويعود إلى بيت الشيخ علي الجندي لينام فيه، وعندما يستيقظ يجد أنّ الحي كله محاصرًا، ويفهم أنّ البدلة العسكرية التي نسيها هي ما دلّ الكلاب البوليسية عليه، فيفرّ هاربًا والكلاب وراءه تنبح ويُحاصر في المقبرة، حتى استسلم في النهاية.

السمات الفنية في رواية اللص والكلاب

اتسمت رواية اللص والكلاب بعدد من الخصائص والسمات الفنية وفقًا لما ورد عن الكاتب أيمن المناصير، منها على سبيل الذكر لا الحصر ما يأتي:

  • استخدام تقنية الاسترجاع الزمني التي ساهمت في زيادة حدة الانتقام لدى بطل الرواية.
  • التعبير عن الأحداث باستخدام مستويات لغوية متعددة؛ ففي الحارة كان يستخدم اللغة العامية، وفي حوارات المثقفين ونقاشاتهم يتصاعد مستوى اللغة.
  • اللجوء إلى الاستعارة والتشبيهات الفنية التي تساهم في تجسيد الحقيقة.
  • التنويع بين الأساليب الخبرية والأساليب الإنشائية.
  • توظيف عدة حيل وأساليب سردية في الرواية.


ولقراءة تحليل المزيد من روايات نجيب محفوظ: رواية الشحاذ، رواية ثرثرة فوق النيل.

المراجع

  1. فاطيمة حمدان، الجدل النصي والسينمائي "اللص والكلاب" أنموذجًا، صفحة 56. بتصرّف.
  2. فاطيمة حمدان، الجدل النصي والسينمائي "اللص والكلاب أنموذجًا"، صفحة 55. بتصرّف.