انضمت رواية القوقعة: يوميات متلصص لمؤلفها السوري مصطفى خليفة إلى قافلة الأعمال الأدبية والروايات التي تندرج ضمن ما يُعرف بأدب السجون، وقد حققت صدى كبيرًا جعل القراء والنقاد يُقبلون عليها بالقراءة والدراسة، فتناولناها في السطور أدناه بالتحليل الموجز.


تحليل رواية القوقعة

يصور مصطفى خليفة في هذا العمل الأدبي الحالة النفسية الصعبة التي يعاني منها السجين داخل السجن وخارجه أيضًا، موضحًا الكواليس التي تختبئ خلف القضبان، وذلك من خلال سرد معاناة شخصية عانى منها الكاتب نفسه،[١] ولتوضيح الفكرة أكثر فيما يأتي تحليل لهذه الرواية وتفكيك لعناصرها الأساسية:


العنوان

يُوحي عنوان الرواية "القوقعة" بمدى الانغلاق والتقييد والكبت الذي تدور حوله الأحداث، فهي مكان مُحكم الإغلاق يُقصد بها في العموم الدرع الصلب الذي يكسو بعض الحيوانات فتحتمي فيه، فيكون المكان ضيقًا وينعزل فيه الكائن الحي عن بيئته ومحيطه، وهذا بالضبط ما عاشه البطل في الرواية، وقد أُتبع العنوان بجملة "يوميات متلصص" في إشارة إلى وجود فُرجة صغيرة في هذه القوقعة للتلصص منها على الآخرين.[٢]


المكان

تدور أحداث هذه الرواية في زنزانة السجون الموجودة في سوريا، وهذا فرض على الرواية الأماكن المغلقة أكثر من الأماكن المفتوحة التي اقتصرت فقط على الرقعة الجغرافية التي أُقيمت عليها السجون.[٣]


الشخصيات الرئيسية

تدور الأحداث في الرواية بين عدد من الشخصيات الرئيسية، وهي كالآتي:[٤]

  • البطل: هو الشخصية الرئيسية في الرواية، لم يُذكَر اسمه، لكنه كان محور الأحداث والمحرّك الأساسي لها، والمعلومات متوفرة عنه أنه مسيحي مكث في فرنسا لدراسة الإخراج السينمائي، ثم عاد إلى وطنه وألقي عليه القبض هناك.
  • سوزان: هي حبيبة البطل، تعود إلى أصول عربية لكنها ومعظم أفراد أسرتها يقيمون في فرنسا، انقطعت علاقتها به عند عودته إلى بلده.
  • أبو رمزت: هو رئيس المكتب ويُصدر الأوامر بحق السجناء يجب تنفيذها على الفور.
  • أيوب: كان أيوب يترأس المهجع ويُصدر أوامره للجلاد فينفذها.
  • الرجل العملاق: هو الشخص الذي كان يُلاحق البطل دائمًا.
  • الجلاد: تمثل هذه الشخصية العنف بأشدّ صوره، فكان يتلذذ على تعذيب المساجين وأصوات صراخهم.
  • الدكتور زاهي: هو من تولى أمر السجناء والعناية بهم عندما اشتدّ عليهم المرض، وكان يقوم بمهنته بإخلاص وعلى أكمل وجه.
  • نسيم: هو الصديق المقرب لبطل الرواية، كان يقضي معه ساعات يتبادلان أطراف الحديث.
  • أبو محمد.
  • الشرطة العسكرية.
  • أبو حسين.
  • الدكتور سمير.
  • السجّان.
  • الأب وأولاده.
  • العميد.


الشخصيات الثانوية

تدور الأحداث في الرواية بين عدد من الشخصيات الثانوية، وهي كالآتي:[٥]

  • ميسون: هي خطيبة أحد السجناء، الذي كان متعلقًا بها لدرجة كبيرة فيراها في منامه.
  • شقيق البطل: كان هو من استقبل البطل بعد خروجه من السجن، واعتنى به حتى خروجه من الحالة النفسية الصعبة.
  • لينا: هي ابنة شقيق البطل، التي بالكاد استطاع التعرف إلى ملامحها.
  • خال البطل: كان المُعين للبطل والمساعد له على الخروج من السجن، فقام بجهود حثيثة للإفراج عنه.
  • موظف الإذاعة.
  • موسى.
  • سميرة.


الأحداث الرئيسية

تبدأ أحداث الرواية بوداع البطل لحبيبته في مطار فرنسا بعد أن قرر أن يعود إلى وطنه بعدما أنهى دراسته للإخراج السينمائي، لكن ما إن يصل إلى مطار بلده حتى يتم إلقاء القبض عليه دون أن يدري ما هي تهمته، ويُنقل إلى السجن الصحراوي، فيذوق فيه شتى أنواع التعذيب والقهر والعنف، ليتضح له لاحقًا أنّه متهم بالانتماء إلى إحدى الجماعات الدينية المحظورة في بلده، فتبدأ محاولاته بنفي هذه التهمة عنه بالأدلة والبراهين، لكن دون جدوى.[٦]


العقدة

يتم ترحيل البطل إلى سجن آخر، وهناك تبدأ مشاهد أخرى من العذاب والتعنيف، فيُشاهد بأم عينيه تعذيب رفقائه بالسجن ويفقد عددًا منهم، بينما يُصاب آخرون بأمراض جسدية تُمنعهم من التمتع بالحياة، وكذلك يُمارس عليه هو العنف نتيجة استمراره بالدفاع عن نفسه، فيؤدي ذلك كله إلى انعزاله عن الآخرين وتقوقعه حول نفسه، وتلصصه من خلال قوقعته على بقية المساجين.[٦]


الحل

بعد مرور ثلاثة عشر عامًا يخرج البطل من السجن بعد محاولات حثيثة لإصدار قرار بالإفراج عنه، بعدما أصبح خاله وزيرًا، لكنه يكون في حالة نفسية صعبة تُثقل كاهليه سنوات التعذيب والألم والقهر، ويكون غير قادر على الانسجام مع العالم الخارجي، ويكتشف في النهاية أنّ كل ما عاشه كان بسبب تقرير كتبه عنه أحد الأشخاص أثناء وجوده في فرنسا.[٦]


السمات الفنية في رواية القوقعة

امتازت رواية القوقعة لمصطفى خليفة بمجموعة من الخصائص والسمات الفنية، يُذكر منها الآتي:[٧]

  • الدقة في لتصوير وسرد التفاصيل التي عاشها البطل في الرواية.
  • الاهتمام برسم الشخصيات في الرواية، لدورها الكبير في تسيير الأحداث وتطورها.
  • سيطرة العنف والمشاهد القاسية على أحداث الرواية.
  • كشف المكان في هذه الرواية علاقته بالأشخاص ومدى تأثرهم به.
  • توظيف التقنيات السردية المتنوعة في هذا العمل الأدبي.


ولقراءة تحليل المزيد من الروايات التي تنتمي إلى أدب السجون: رواية شرق المتوسط، رواية طيور العتمة.

المراجع

  1. بلال ساعي، شيماء لاغة، بنية المكان والشخصية في رواية القوقعة لمصطفى خليفة، صفحة 116. بتصرّف.
  2. فياض هيبي، قراءة في رواية القوقعة لمصطفى خليفة، صفحة 2. بتصرّف.
  3. سومية سويح، مسارات الكتابة العربية في أدب السجون، صفحة 53. بتصرّف.
  4. بلال ساعي، شيماء لاغة، بنية المكان والشخصية في رواية القوقعة لمصطفى خليفة، صفحة 71. بتصرّف.
  5. بلال ساعي، شيماء لاغة، بنية المكان والشخصية في رواية القوقعة لمصطفى خليفة، صفحة 88. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت سومية سويح، مسارات الكتابة العربية في أدب السجون، صفحة 36. بتصرّف.
  7. حنان بن طالب، نور الهدى صيد، تيمة العنف في رواية القوقعة، صفحة 63. بتصرّف.