تعد رواية عرس بغل للروائي الجزائري الطاهر وطّار من الروايات الرمزية، إذ يتسم أدب الطاهر وطار بميزة فنية تتعلق بالرمز، وقد لاقت اهتمامًا واضحًا من النُقّاد والدارسين ومن القُرّاء أيضًا، وفي هذا المقال قدّمنا لكم تحليلًا مُفصّلًا لها.[١]



تحليل رواية عرس بغل

حسب ما ورد عن مجموعة من الباحثين يرسم المؤلف الطاهر وطاهر في هذه الرواية حيوات هذا العالم والتناقضات التي يعيشها الإنسان، محفوفةً ببناء رمزي دقيق، ولتوضيح الفكرة التي يريد الكاتب إيصالها تم تفكيك الرواية إلى عناصرها الأساسية وتحليلها على النحو الآتي:


العنوان

بناء على ما ورد عن الكاتب نصر الدين لعياضي وغيره من الباحثين يحمل العنوان "عرس بغل" تناقضًا وتعارضًا ثنائيًا، إذ تحمل كلمة العرس دلالة القداسة، أما كلمة بغل ففيها دلالة على الاحتقار، لكن في الثقافة الشعبية يعدّ تعبير "عرس بغل" استعارة للدلالة على الحفل الكاذب، إذ يوجد اعتقاد سائد أنّه إذا كان أحد الزوجين أو كلاهما لا يُنجب ولم يتبنيا طفلًا يُقيمان عرسًا مزيفًا يسمى عرس بغل، ويدعوان إليه الأهل والأصدقاء والجيران لمشاركتهما الفرح واسترجاع ما قدموه من هدايا.[٢]


المكان 

حسب ما ورد عن الناقد شكيب أريج وغيره من الباحثين في قراءة نقدية لهذه الرواية يشكّل المكان فيها وعيًا وتصورًا متكاملين، وتدور الأحداث بصورة عامة في "الجزائر"، ومن الأماكن الحاضرة فيها بقوة هي "المقبرة"، التي وصفت بأنها شخصية أخرى تتماوج مع الواقع والحلم، لكن الأهم هو حضورها القوي الذي يوازي حضور الشخصية الرئيسية، إذ إن شخصية (الحاج كيان) كانت نسبة إلى سجن كيان الذي قضى فيه عقوبته، و(العنابية) نسبة إلى مدينة عنابة الموجودة في الجزائر، (والوهرانية) نسبة إلى مدينة وهران الجزائرية المعروفة.[٣]


الشخصيات الرئيسية

دارت أحداث رواية عرس بغل بين عدد من الشخصيات الرئيسية، وهي كما يأتي:[٣]

  • الحاج كيان: كان رجلًا مستقيمًا قبل دخوله إلى الماخور، وكان عالمًا من علماء جامع الزيتونة ميسور الحال، صاحب خبرة وتجارب.
  • العنابية: كانت صاحبة الماخور، وهي امرأة مطلّقة، وتُعد العنابية هي السلطة، والآمرة الناهية في كل شيء.
  • حياة النفوس: دفعتها الظروف القاسية التي عاشتها في العائلة إلى الانحراف، إذ اتّخذت الماخور مأوى لها.
  • خاتم الهزية: هو عامل في الماخور وغير مستقيم السلوك، فقد استطاع هذا الرجل أن يأخذ حياة النفوس خارج البهو بماله الكثير الذي يظن أنّه لا ينتهي أبدًا.
  • حمود الجيدوكا: كان حمود يعمل خادمًا في الماخور ويخدم الزبائن بإخلاص.
  • الوهرانية: هي فتاة سمراء طويلة، كل شيء فيها منسجم وجذاب.


الشخصيات الثانوية

دارت أحداث رواية عرس بغل بين عدد من الشخصيات الثانوية، وهي:[٤]

  • القروي.
  • العسكري.
  • زمردة.
  • خولة.


الأحداث الرئيسية

يروي الكاتب فصول حياة "الحاج كيان" الشخصية المحورية في الرواية، الذي كان طالبًا في جامع الزيتونة، مداومًا على الصلاة وقراءة علم التجويد في الجامع، وخلال دراسته في جامع الزيتونة قرر أن يبدأ بالإصلاح من ماخور العنابية وفتياتها، لكنه فشل في دعوته إلى الصلاح، وأغرم بالعنابية التي سخرته لخدمتها في الماخور إلى جانب خاتم وحميد الجيدوكا وباي تونس حارس الماخور.[٥]


بهذه الحياة الجديدة أصبح الحاج كيان يعيش التشتت، فكان يؤدي طقوسًا يومي السبت والأحد وحده داخل مقبرة، ويعيش حياة أخرى بتأمله وتصوفه وهو يسير في طريق الانحراف ليهرب من فشله ومن دوامة ماخور العنابية الذي كان يرتمي فيه باقي أيام الأسبوع، إنها هزيمة الحاج كيان المتصوف الذي هزمته شهواته وماخور العنابية وهو يعيش صراعًا داخليًا وحياة مزيفة ملؤها النفاق والوضاعة.[٥]


العقدة 

أقيم العرس الذي سمي بعرس بغل، وكان يتمثل بدعوة كل فتاة تسير في طريق الانحراف، وحتى لا ينفضح هذا العمل الخبيث اقترح الحاج كيان فكرة ختان أربعين طفلاً من الأطفال الفقراء، إذ أراد أن يجعل من هذه الحسنة وجهًا حقيقيًا تختفي وراءه أفعاله، وسمي بعرس بغل لأنّه لا تأتي من وراءه نتيجة إنجاب.[٦]


الحل

حسب ما ورد عن الكاتب شعيب فليحي في قراءته لهذه الرواية تنتهي الأحداث بانتصار مؤقت وغامض على خاتم الذي كان يود سرقة العنابية وكل المدعوين للعرس، وعودة الارتباط القوي بين الحاج والعنابية دون أن يتم الحسم في شيء، لتعلن الرواية عن استمرار فشل اجتياز حالة إلى أخرى والعيش في الماخور، وأن قيمة الصراع في الماخور لا تحمي أحدًا بقدر ما تجعل الوضع يزداد سوءًا، وإن كل من في الماخور هو عبد قوانين وأعراف أولًا، ثم رغبات وأوهام ثانيًا تجعله مشدودًا إلى نفس المكان مشدودًا إلى قوانين العنابية والحاج كيان.


السمات الفنية في رواية عرس بغل

اتسمت رواية عرس بغل بعدد من الخصائص والسمات، حسب ما ورد عن الكاتبة بهيجة زريق وغيرها من الباحثين، يُذكَر منها ما يأتي:[٧]

  • إبراز الثنائيات الضدية في المجتمعات.
  • يغلب على الرواية الفعل السردي مع الحوارات التي جاءت باللغة العربية الفصحى، والاستعانة باللهجة العامية الجزائرية.
  • توظيف تقنيات سردية الغرض منها تسريع الزمن في بعض الأحيان وإبطاؤه في أحيان أخرى.


ولقراءة تحليل المزيد من الروايات الرمزية: رواية ابن فطومة، رواية أولاد حارتنا.

المراجع

  1. زينب قدوش، ترجمة التناقض الثاني والهجانة في عنوان رواية _عرس بغل، صفحة 1. بتصرّف.
  2. زينب قدوش، ترجمة التناقض الثاني والهجانة في عنوان رواية عرس بغل، صفحة 5. بتصرّف.
  3. ^ أ ب منيرة زيان، سامية سوداني، الشخصية في رواية عرس بغل الطاهر وطاردراسة سيميائية.pdf بنية الشخصية في رواية عرس بغل الطاهر وطار دراسة سيميائية، صفحة 36-56. بتصرّف.
  4. ^ أ ب