تُصنّف رواية سيدة المقام لمؤلفها الجزائري واسيني الأعرج على أنها من الروايات التي تحمل بُعدًا إيديولوجيًا، وقد لاقت اهتمامًا واضحًا من النقاد والدارسين ومن القراء أيضًا، وفي هذا المقال قدمنا لكم تحليلًا مفصلًا لها.[١]
تحليل رواية سيدة المقام
يرصد المؤلف واسيني الأعرج في هذه الرواية معالم الانهيار والمعاناة في المجتمع الجزائري نتيجة المفاهيم الخاطئة والأفكار المدمّرة التي خرجت بها جماعة متطرفة، موضحًا معاناة المثقف في هذه البيئة من خلال شخصية البطلة،[٢] ولتوضيح الفكرة التي يريد الكاتب إيصالها تم تفكيك الرواية إلى عناصرها الأساسية وتحليلها على النحو الآتي:
العنوان
يتعلّق عنوان الرواية "سيدة المقام" بالمتن السردي، إذ تحمل كلمة "سيدة" دلالات كبيرة وتُحيل إلى اسم بطلة الرواية "مريم"، وما يؤكد ذلك الكلمة الثانية في العنوان "المقام"، والتي تحمل معنيين؛ الأول مكان الإقامة وهو إحالة مكانية على أحداث الرواية، والثاني هو مقطع موسيقي يوحي باشتغال النص على هذا الهامش.[٣]
المكان
تدور الأحداث في رواية "سيدة المقام" في مدينة (الجزائر) العاصمة، التي وُصِف سحرها وجمالها ثم الحزن الذي عمّها والحالة الكئيبة التي أصبحت عليها جرّاء الأحداث الوارد ذكرها، وبصورة عامة تقسم الأماكن في الرواية إلى أماكن مفتوحة (مثل المدينة والطرق) وأخرى مغلقة (مثل البيت والمستشفى).[٤][٥]
الشخصيات الرئيسية
تدور أحداث رواية سيدة المقام بين عدد من الشخصيات الرئيسية، وهي:[٦]
- مريم (سيدة المقام): هي الشخصية البطلة والمؤثرة في بناء الرواية، وقد أضفى عليها الكاتب صيغة رمزية معبرة عن مكان المدينة والتاريخ، وهي شابة في العشرينات من عمرها، تعيش مع أمها وزوج أمها حياة قاسية وصعبة، لكنها وجدت في الموسيقى والرقص ملجأ لها.
- أناطوليا: هي جارة مريم الروسية، جديدة في البلاد تعرفت بمريم عن طريق الصدفة، فكانت معلمتها وملهمتها، وهي صورة للمرأة العصرية والمثقة، كما شكّلت هذه الشخصية المحفز الوحيد لمريم للتغيير والتقدم في حياتها.
- الأستاذ: هو شخص مثقف ذو أفكار جريئة، وهو أستاذ جامعي حصل على شهادة دكتوراة دولية في إيطاليا، وقع الأستاذ في حب مريم وأصبحت بالنسبة له الحياة وكل ما هو جميل.
الشخصيات الثانوية
تدور أحداث رواية سيدة المقام بين عدد من الشخصيات الثانوية، وهي:[٧]
- الأم: تزوجت بعد استشهاد زوجها من شقيقه الأصغر بحكم العادات والتقاليد، وقد شكّلت هذه الشخصية الإلهام لمريم، فكانت الأمل والسند والحياة.
- العباس: هو عم مريم وزوج أمها، كان يعمل بوابًا في البلدية، اكتشف عدم قدرته على الإنجاب فسار في طريق الضياع وفقدان الهوية.
- الزوج حمودة: يعمل في وظيفة بسيطة، وهو رجل تقليدي بكل تفاصيله دائمًا ما يشكو سوء الحال وقلة الحظ، كان لهذه الشخصية أثر كبير في حياة البطلة وانكسارها.
- حراس النوايا: هم شباب الحركة الأصولية، كانوا يوزّعون في شوارع المدينة، وهم السبب في إصابة مريم برصاصة طائشة.
الأحداث الرئيسية
تدور أحداث الرواية حول فتاة جزائرية اسمها "مريم" أو كما تُدعى "سيدة المقـام" صديقة السارد الأستاذ الجامعي اللذين جمعت بينهما قصة حب رائعة، وقد واجهت مريم همجيّة المجتمع الشرسة ونظرته لها باستخفاف لأنها "راقصة باليه"، وتواصل مريم "سيدة المقام" عزمها على إكمال حفلتها الموسيقية في أداء مسرحية (شهرزاد) تحـت رعاية معلّمتها الروسية "أناطولیا" وسـط معارضة "حــرّاس النوايا" مــن شـباب الحركات الأصولية.[٨]
العقدة
إصرار مريم على مواجهة مجتمعها يؤدي إلى إصابتها بنزيف دماغي بعد إكمال عرضها المسرحي نتيجة رصاصة طائشة أصابتها بعد مواجهات حدثت بين رجال الأمن وإحدى الجماعات المتطرفة، وقد نصحها الطبيب بعدم الحركة لأن الرصاصة سكنت دماغها.[٨]
الحل
تنتهي الرواية بضياع البطل "الراوي" في شـوارع الجزائر بعد خروجه مــن المستشفى بعدما لفظت مريم أنفاسها الأخيرة، حتى يصل إلى جسر في إحدى ساحات المدينة، فيرمي فصول روايته من فوق الجسر بعدما ما مزّق أوراق إثبات هويته، ثم يرمي نفسه من أعلى الجسر، كما تُطرَد المعلمة أناطوليا من الجزائر.[٨]
السمات الفنية في رواية سيدة المقام
بعد قراءة رواية سيدة المقام يلاحظ أنها تتسم بعدد من الخصائص والسمات الفنية، منها على سبيل الذكر لا الحصر ما يأتي:[٩][٢]
- استخدام التقنيات الفنية في رسم الشخصيات وأبعادها وملامحها.
- تنوّع المشاهد الحوارية في الرواية.
- الاعتماد على تقنية الاسترجاع في زمن الرواية.
- تضمين الرواية العديد من الأبعاد والدلالات.
- استخدام لغة شعرية عالية في بناء أحداث الحب في حياة بطلة الرواية.
- اللجوء إلى الوصف كتقنية مساعدة في الكشف عن الجوانب الخفية من الشخصية.
- الانفتاح على الموسوعة التراثية الشعبية، وقد تمثل ذلك باستخدام بعض المقاطع الشعرية والأمثال الشعبية.
ولقراءة تحليل المزيد من الروايات الجميلة: رواية صمت الفراشات، رواية إني راحلة.
المراجع
- ↑ عيشة نتيش، نور الهدى بن عاشور، الإيديولوجي في رواية سيدة المقام لواسيني الأعرج.pdf البعد الإيديولوجي في رواية سيدة المقام، صفحة 112. بتصرّف.
- ^ أ ب وداد أعبيد، وصف النماذج البشرية في رواية سيدة المقام، صفحة 66. بتصرّف.
- ↑ وداد أعبيد، وصف النماذج البشرية في رواية سيدة المقام، صفحة 37. بتصرّف.
- ↑ وداد أعبيد، وصف النماذج البشرية في رواية سيدة المقام، صفحة 64. بتصرّف.
- ↑ عيشة نتيش، نور الهدى بن عاشور، الإيديولوجي في رواية سيدة المقام لواسيني الأعرج.pdf البعد الإيديولوجي في رواية سيدة المقام، صفحة 79. بتصرّف.
- ↑ عيشة نتيش، نور الهدى بن عاشور، الإيديولوجي في رواية سيدة المقام لواسيني الأعرج.pdf البعد الإيديولوجي في رواية سيدة المقام، صفحة 24. بتصرّف.
- ↑ عيشة نتيش، نور الهدى بن عاشور، الإيديولوجي في رواية سيدة المقام لواسيني الأعرج.pdf البعد الإيديولوجي في رواية سيدة المقام، صفحة 36. بتصرّف.
- ^ أ ب ت وداد أعبيد، وصف النماذج البشرية في رواية سيدة المقام، صفحة 71. بتصرّف.
- ↑ عيشة نتيش، نور الهدى بن عاشور، الإيديولوجي في رواية سيدة المقام لواسيني الأعرج.pdf البعد الإيديولوجي في رواية سيدة المقام، صفحة 112. بتصرّف.