تعد رواية نزيف الحجر لمؤلفها الليبي إبراهيم الكوني من الروايات التي تتجلى فيها الأسطورة وتمتزج مع الواقع، وفقًا لما ورد عن مجموعة من الباحثين في دراسات لها، وقد شغلت هذه الرواية حيزًا من دراسات النقاد والدارسين وحازت على اهتمام واضح من القراء، وفي هذا المقال قدمنا لكم تحليلًا مفصلًا لها.


تحليل رواية نزيف الحجر

وفقًا لما ورد عن الكاتبة أمينة هدريز في قراءتها لهذه الرواية حاول الكاتب إبراهيم الكوني رسم عدد من المسارات الفكرية التي تجسدت في البحث عن الحرية من خلال العزلة في الصحراء، والحفاظ على البيئة الحيوانية التي تمثلت في أسطورة اتحاد الإنسان مع عناصر الطبيعة والعالم الحيواني الطبيعي، مضمنًا ذلك بعض أفكاره الفلسفية، ولتوضيح الفكرة التي يريد الكاتب إيصالها تم تفكيك الرواية إلى عناصرها الأساسية وتحليلها على النحو الآتي:


العنوان

يحمل عنوان الرواية "نزيف الحجر" بُعدًا مكانيًا يتعلّق بالقيمة الجغرافية المهمة للصخر داخل الفضاء الأوسع الصحراء، منبّهًا القارئ إلى أنّ الحجر سينزف دمًا وستزول لعنة الصحراء والصراع بين قوى الخير والشر.[١]


المكان

تدور أحداث رواية "نزيف الحجر" بصورة عامة في وادي متخندوش في الصّحراء، وقد اهتمّ إبراهيم الكوني في تجسيد عناصر الطبيعة الصحراوية بوصفها فضاء يحمل أيقونات مادية وأخرى مجرّدة.[٢]


الشخصيات الرئيسية

تدور الأحداث في رواية نزيف الحجر بين عدد من الشخصيات الرئيسية، وفقًا لما ورد عن الكاتبة أمينة هدريز في قراءتها لهذه الرواية، وهي:

  • أسوف: هو فتى طويل ونحيل، شخصية منعزلة عن عالم البشر، يخاف من الناس كثيرًا ويتعامل معهم بحذر، يؤمن بالسحر والشعوذة والأسطورة،
  • قابيل: هو فتى طويل القامة قاسي الملامح، همّه الوحيد أكل اللحم، خاصة لحم الودان، يتصف بالخبث والعدوانية، وفي طبعه قساوة ووحشية، وهو يمثل عنصر الشر في الرواية.
  • والد أسوف: هو شخصية صارمة ومنعزلة ويحبّ الوحدة، لا يثق بالناس ويحبّ الصحراء وحيواناتها، يبحث عن الحرية فيها، فهو يتصور أنها موجودة في عمق الصحراء.
  • الودان (روح الجبل): هو أقدم حيوانات الصحراء الإفريقية، منح الكاتب هذه الشخصية هالة من القدسية والأسطورية؛ إذ يمثل الشخصية المحورية التي تدور الأحداث حولها وتقود الآخرين إلى حتفهم.


الشخصيات الثانوية

تدور الأحداث في رواية نزيف الحجر بين عدد من الشخصيات الثانوية، وفقًا لما ورد عن الكاتبة أمينة هدريز في قراءتها لهذه الرواية، وهي:

  • عالم الآثار: شخصية ودودة محبّة للصحراء، وهو ضدّ الانتهاك والاعتداء والإهدار، يمثّل الحفاظ على البيئة الحيوانية والأثرية من العبث والخراب.
  • مسعود: هو صديق قابيل ومساعده، يتصف بقصر القامة والبدانة، وهو شخص تابع لقابيل لا يملك شخصية مستقلّة بذاتها.
  • جون باركر: هو قائد في قاعدة هويلس، لديه شغف بفلسفات الشرق وفضول لمعرفة طرق الصوفية في شمال إفريقيا، ويمثل في الرواية رمزً للغريب الذي يأتي بالخراب والدمار
  • شيخ الصوفية: وهو الدرويش جلولي، شخصية منعزلة بالرغم من وجوده بين الناس، وذلك بسبب غرابة آرائه الدينية والدنيوية.


الأحداث الرئيسية

يحكي الكاتب في هذه الرواية قصة الأيقونة الحجرية، وهي أهم صخرة في وادي متخندوش، إذ رُسمت عليها صورة الودّان ككاهن عملاق، وقد كان البطل أسوف يسأل أباه عن سر هذه الصخرة وعلاقتها بالجنّ، وقد عينت مصلحة الآثار حارسًا للصخور التي يزورها السياح ويُصلون أمامها كأنها نصب وثني، إلا أنّ بعضهم كان يمارس هواية صيد الودان الحيوان الأسطوري.[٣]


العقدة

وفقًا لما ورد عن الكاتبة أمينة هدريز في قراءتها لهذه الرواية كان الودان هذا الحيوان الأسطوري السبب في موت والد أسوف بعد مطاردته إلى أعلى الجبل لأنّه خالف النذر، كما طارد أسوف الودّان في محاولة لصيده، وانتهى به الأمر إلى قمّة هاوية فأنقذه الودان في آخر لحظة، وفي منعطف آخر يزور النصب الوثني للودان قابيل الذي يهوى سفك الدماء ومسعود، ويطلبان من أسوف أن يدلّهما على مكان الودان، لكنه يرفض ذلك.[٣]


الحل

يختار أسوف الموت مصلوبًا على صخرة الكاهن الأكبر على أن يدل قابيل ومسعود على مكان وجود الودان حفاظًا على طبيعة الصحراء، فيقتل قابيل أسوف ذبحًا وتسيل قطرات دمه على الحجر الذي كتب عليه "أنّ الخلاص سيجيء عندما ينزف الودان المقدس ويسيل الدم من الحجر"، ويعمّ الصحراء طوفان يغسلها من خطايا البشر.[٣]


الخصائص الفنية في رواية نزيف الحجر

يُشار إلى أن رواية نزيف الحجر تمتاز بعدد من الخصائص والسمات الفنية، منها على سبيل الذكر لا الحصر ما يأتي:[٤]

  • استخدام تراكيب بلاغية تتطلب قراءة واعية.
  • وضوح البُعد الأسطوري والبُعد الصوفي في هذه الرواية.
  • استعارة مواضيع القصيدة العربية القديمة، وقد تمثل ذلك بالاهتمام بالصحراء وطبيعتها وحيواناتها.


ولقراءة ملخص وتحليل المزيد من الروايات التي وظفت الأسطورة: رواية مولد النسيان، رواية عين الفرس.

المراجع

  1. نسيمة علوي، دلالة المكان في رواية نزيف الحجر، صفحة 4. بتصرّف.
  2. نسيمة علوي، دلالة المكان في رواية نزيف الحجر، صفحة 3. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت نسيمة علوي، دلالة المكان في رواية نزيف الحجر، صفحة 3. بتصرّف.
  4. نسيمة علوي، دلالة المكان في رواية نزيف الحجر، صفحة 3. بتصرّف.