توصف رواية ميراما لمؤلفها المصري نجيب محفوظ على أنها من الروايات الاجتماعية متعددة الأصوات، وقد حازت على اهتمام واضح من القراء وشغلت حيزًا من دراسات النقاد والدرسين، وفي هذا المقال قدمنا لكم تحليلًا مفصلًا لها.[١]


تحليل رواية ميرامار

يُشار إلى أنّ نجيب محفوظ في روايته هذه طرح عدّة مواضيع مهمة متمثلة بالتغيرات الاجتماعية ووضع المرأة في المجتمع المصري، إلى جانب الحديث عن أفكار الناس والمشكلات الاجتماعية التي تلت حدثًا معينًا في مصر،[١] ولتوضيح الفكرة التي يريد الكاتب إيصالها تم تفكيك الرواية إلى عناصرها الأساسية وتحليلها على النحو الآتي:


العنوان

وفقًا لما ورد عن الكاتب والباحث شوقي بدر يوسف في دراسته لسيميائية العنوان عند نجيب محفوظ فقد جاء عنوان هذه الرواية "ميرامار" من مُفردة واحدة ترك لها المؤلف مسؤولية تحديد الرؤية وفرض المعنى المبثوث داخل المتن الروائي ومفرداته، وكان التركيز على المكان الذي يُدير من خلاله رؤيته لواقع الحياة الاجتماعية في حياة الشخوص والأحداث التي تجري فيه.


المكان

تدور أحداث رواية ميرامار بصورة عامة في مدينة (الإسكندرية) في مصر، وكان فندق ميرامار البؤرة التي جمعت الشخصيات فيها، ويُشار إلى أنّ توظيف الأماكن في هذه الرواية قد تنوع ما بين أماكن مفتوحة (مثل البحر والشارع) وأخرى مغلقة (مثل الفنادق)، ويُلاحظ أنّ هذه الأماكن المغلقة هي أماكن إقامة مؤقتة يعرفها الزائرون والسياح، وكأنّ الكاتب أراد أن يعبّر بها عن عدم الاستقرار في الرواية.[٢]


الشخصيات الرئيسية

تدور أحداث رواية ميرامار بين عدد من الشخصيات الرئيسية، وهي:[٣]

  • زهرة: تمثل زهرة قطب الصراع في ميرامار ومحور أحداثها، وهي فلاحة جميلة قوية، ذات شخصية طموحة، هربت من قريتها رفضًا للزواج بالإكراه، وقد حضرت إلى الفندق للعمل، وتقابل سرحان البحيري وتقع في حبه، تتجه إلى التعليم وتدفع جانبًا كبيرًا من دخلها المحدود إلى معلمة تعطيها دروسًا خصوصية، وبعد عدة أحداث تطرد صاحبة الفندق زهرة، التي تخرج وتعلن أنها برغم كل شيء ستبدأ حياتها من جديد.
  • عامر وجدي: هو صفحي قديم، زال مجده بعد اعتزاله العمل الصحفي، ووجد نفسه بلا زواج ولا أبناء ولا قريب حيّ، فقصد صديقه الباقي في دنياه؛ صاحبة الفندق مدام ماريانا.
  • طلبة مرزوق: هو من كبار الأعيان ووكيل سابق لوزارة الأوقاف، وُضع تحت الحراسة منذ عام أو أكثر، وجُرِّدَ من موارده عدا القدر الذي يسمح له بالحياة، فبعد أن كان يملك الأموال الطائلة كره الحياة في القاهرة، ولجأ إلى ماريانا ليقضي في فندقها أيام عمره الباقية.
  • حسني علام: ينتمي إلى أسرة معروفة في طنطا، وهو شاب غير مثقف، جاء إلى الإسكندرية باحثًا عن مشروع تجاري يوظف فيه أمواله، ولما كانت إقامته في الإسكندرية ستطول دلّه أحدهم على فندق ميرامار.
  • منصور باهي: يعمل منصور مذيعًا في إذاعة الإسكندرية، أحب زميلته في الجامعة "درية" وبادلته الحب، لكنها تزوجت من أستاذها الدكتور فوزي، وبعد عدة أحداث مرّ بها نصحه شقيقه بالإقامة في فندق ميرامار.


الشخصيات الثانوية

تدور أحداث رواية ميرامار بين عدد من الشخصيات الثانوية، وهي:[٣]

  • ماريانا: هي صاحبة فندق ميرامار يونانية الأصل، وهي عجوز في الخامسة والستين من عمرها.
  • سرحان البحيري: تمثل هذه الشخصية رمزًا من رموز الانتهازية، وهو عضو في لجنة العشرين وعضو مجلس الإدارة المنتخب عن الموظفين في شركة الإسكندرية للغزل، يشترك في عصابة لنهب الشركة التي يعمل فيها واختلاس أموالها، وتنتهي حياته بالانتحار بعد اكتشاف المؤامرة وسقوط العصابة.


الأحداث الرئيسية

وفقًا لما ورد في الدراسات التحليلية لرواية "ميرامار" تقوم الرواية بنائيًا على أربعة رواة يروون حكاياتهم بضمير المتكلّم، ويعبّر كل منهم عن وجهة نظره وفق رؤيته الفكرية، وهم بعض شخصياتها المتعايشة في المكان والمتصارعة في الوقت نفسه، فكلّ شخصية وراءها قصة وحدث معيّن مرّ به قادها إلى فندق ميرامار للإقامة فيه، ويُشار إلى أنّ خيوط الرواة الأربعة تتشابك مع "زهرة" التي تعمل في الفندق.


العقدة

تعبّر العلاقة بين حسني علام وسرحان البحيري عن الصراع المحتدم بين الطبقات والمجتمع؛ فحسني علام المنافس الحقيقي لسرحان في الصراع الاجتماعي وفي الفتاة "زهرة"، ويمتد هذا الصراع إلى بقية الشخصيات المقيمة في الفندق، كما تكتشف زهرة الخيانة والغدر من طلبة وحسني وسرحان.[٤]

الحل

تنتهي الرواية برفض ماريانا بقاء زهرة في الفندق، إذ كانت ترى فيها مصدر الشقاء والتشاؤم، وطلبة مرزوق يستعد للسفر إلى الكويت بعد أن تحولت أحلامه إلى سراب، وحسني علام يُغادر الفندق، وسرحان البحيري ينتحر، ومنصور باهي ينتظر جزاءه دون أن يُشفى من دائه الذي أفقده وجوده وكيانه، أما زهرة فترفض البقاء في هذا المكان -الذي يعبّر عن الماضي، لكنها تستمر في طريقها من خلاله دون العودة إليه، وهكذا تنتهي الرواية نهاية تراجيدية يتحقق من خلالها مصير الشخصيات.[٥]


السمات الفنية في رواية ميرامار

يُشير العديد من النقاد والدارسين إلى أنّ رواية ميرامار تتسم بعدد من الخصائص والسمات الفنية، منها على سبيل الذكر لا الحصر ما يأتي:[٦]

  • تعدد الرواة في الرواية لحدث محوريّ واحد.
  • استخدام أدوات تعبيرية تلائم الوضع الفكري والنفسي.
  • اللجوء إلى الرموز والصراع الذي يبني من خلاله قالبه الروائي.


ولقراءة تحليل المزيد من روايات نجيب محفوظ: رواية عبث الأقدار، رواية رادوبيس.

المراجع

  1. ^ أ ب أبو الحسن أمين مقدسي، شرافت كريمي، دراسة موقع الراوي وآلياته في رواية ميرامار، صفحة 2. بتصرّف.
  2. عمار أحمد الصفار، الفضاء الحكائي في رواية ميرامار، صفحة 4. بتصرّف.
  3. ^ أ ب إيمان أحمد إسماعيل، قراءة في رواية ميرامار لنجيب محفوظ، صفحة 1. بتصرّف.
  4. لندة شيخي، الرؤية في أدب نجيب محفوظ.pdf أنماط الرؤية في أدب نجيب محفوظ، صفحة 28. بتصرّف.
  5. لندة شيخي، الرؤية في أدب نجيب محفوظ.pdf أنماط الرؤية في أدب نجيب محفوظ، صفحة 31. بتصرّف.
  6. لندة شيخي، الرؤية في أدب نجيب محفوظ.pdf أنماط الرؤية في أدب نجيب محفوظ، صفحة 44. بتصرّف.