تعدّ رواية كوابيس بيروت للكاتبة السورية غادة السمان من الروايات الواقعية، حسب ما ورد عن مجموعة من الباحثين في دراسة تحليلية لها، وقد لاقت اهتمامًا واضحًا من النُقّاد والدارسين ومن القُرّاء أيضًا، وفي هذا المقال قدّمنا لكم تحليلًا لها.
تحليل رواية كوابيس بيروت
استعانت الكاتبة غادة السمان في هذا العمل الأدبي بالبناء الروائي لتفصح عن جزء من حياتها الشخصية التي عاشتها في بيروت أثناء الحرب الأهلية،[١] وللتوضيح أكثر حول الفكرة التي تريد الكاتبة إيصالها تم تفكيك الرواية إلى عناصرها الأساسية وتحليلها على النحو الآتي:
العنوان
جاء عنوان الرواية "كوابيس بيروت" واصفًا ما عانته تلك المدينة من أحداث مأساوية، وقد كانت الأحداث التي عصفت بها كوابيس لا منطقية، فالعنوان يبدو على علاقة بواقع الكاتبة وحياتها التي تعيشها، إذ يشكل عقدة الوصل بين حياتها ومحتوى روايتها التي لا بد أن تجمع بين دفّتيها الكثير أو القليل من التفاصيل.[٢]
المكان
تدور الأحداث في رواية "كوابيس بيروت" في لبنان في مدينة "بيروت" على وجه التحديد كما يبدو من العنوان، ويمكن التمييز في هذا العمل الأدبي بين بنيتين للمكان؛ بنية كبرى تتمثل بمدينة بيروت ككل، وبنية صغرى تتمثل ببيت الكاتبة الصغير في الطابق الثالث الذي حوصرت فيه مع أخيها مقابل الفندق، ومحل بيع الحيوانات الأليفة الذي وصفته الكاتبة بأنّه نسخة مصغرة عما يحدث في بيروت.[٣]
الشخصيات الرئيسية
دارت أحداث رواية كوابيس بيروت بين عدد من الشخصيات الرئيسية، وهي كما يأتي:[٤]
- الساردة (الكاتبة نفسها).
- العم فؤاد.
- أمين.
- شادي.
الشخصيات الثانوية
دارت أحداث رواية كوابيس بيروت بين عدد من الشخصيات الثانوية، وهي كما يأتي:[٥]
- خادم العم فؤاد.
- خاتون البصارة.
- السيد موت.
الأحداث الرئيسية
تبدأ أحداث الرواية من منزل الساردة الذي يقع مقابل فندق في أحد الشوارع الراقية في مدينة بيروت، والتي تحاول جاهدة نقل الأطفال والعجائز من بيتها إلى مكان آمن وبعيد عن صوت المتفجرات والقصف والأجواء التي تخيم على المكان، وبعد عملية نقلهم تجد غادة نفسها محاصرة وسط الأحداث، خاصة بعد سيطرة المسلحين على الفندق، ولم تكن تملك من الطعام والشراب إلا القليل، وهناك احتمال كبير لانقطاع الكهرباء في بيتها في ظل الأجواء المشحونة بالتوتر، ويراودها شعور بالإحباط متسائلة عن جدوى ما تعلمته ودرسته في مثل هذه الظروف، متمنية لو أنها تعلمت بعض فنون القتال لمواجهة الأخطار المفاجئة.[٦]
حوصرت غادة في بيتها مدّة لا تتجاوز عشرين يومًا لكنها أحسّتها أعوامًا طويلة، وعايشت الكثير من المشاعر، ولا سيما الاشتياق لحبيبها الذي قُتِلَ في ظلّ هذه الظروف، واستمرّت الكاتبة في صفحات هذه الرواية بوصف ما كانت تشاهده من نافذة غرفتها، من جثث تملأ الشوارع، وقناصة تتوزع في عدة أماكن، كما تحدّثت عن كارثة الجوع التي أصابتها بعد نفاذ الطعام المتبقي لديها، وعن أخيها الذي خرج من البيت في مخاطرة كبيرة للحصول على بعض ما يسدّ جوعهما، لكن الأمر انتهى به في السجن لحيازته مسدسًا غير مرخص أخذه من جاره المسنّ العم فؤاد ليحمي نفسه، وأشارت في حديثها إلى مكتبتها التي احترقت أمام عينيها بطلقة دخلت بيتها واستقرت في أحد الرفوف دون أن تستطيع فعل شيء.[٦]
العقدة
كان الفراغ الذي عاشته غادة كفيلًا بجعلها تسترجع ذكرياتها مع حبيبها وأحلامهما معًا وحبهما، كما جعلها تنسج القصص والأحاديث في مخيلتها، هذه القصص كانت تلقي الضوء على كلّ جوانب الحياة في بيروت وفي لبنان بصورة عامة في تلك الفترة.[٧]
الحل
استمرّت الكاتبة في حديثها عن المجتمع البيروتي والفروقات الاجتماعية والطبقات المختلفة فيه، ومدى تأثير هذه الحرب على كل جانب من جوانب الحياة، كما أشارت في حديثها إلى أنّ للفقر تأثيرًا كبيرًا على سكان بيروت، وهو واحد من أكبر الدوافع التي أدّت إلى اشتعال هذه الحرب.[٧]
السمات الفنية في رواية كوابيس بيروت
يُلاحظ أنّ رواية كوابيس بيروت تتسم بعدد من الخصائص والسمات الفنية، منها على سبيل الذكر لا الحصر ما يأتي:[٨][٥]
- توظيف الزمن في هذه الرواية وفق مفهومه الصحيح، وبأساليب تسهل على القارئ استخراجه وتحليله.
- التركيز على الحوار الداخلي، وذلك بوصفه وسيلة فعالة تساهم في الكشف عن أعماق الشخصية.
- دقة الوصف وبلاغته.
- جاء السرد على لسان البطلة بضمير المتكلم.
- القدرة على التأثير في القارئ وجعله كأنّه يعايش الأحداث المذكورة.
- كان المكان عنصرًا حيًا وفاعلًا في الأحداث والشخصيات.
- توظيف بعض الشخصيات الخيالية في الرواية، والهدف من ذلك تعبير الكاتبة عن رغبتها في توقف هذه الحرب.
ولقراءة تحليل المزيد من الروايات الواقعية: رواية زقاق المدق، رواية طيور أيلول.
المراجع
- ↑ محمد التركي، دراسة تأصلية لرواية السيرة الذاتية كوابيس بيروت لغادة السمان أنموذجا، صفحة 3. بتصرّف.
- ↑ محمد التركي، دراسة تأصلية لرواية السيرة الذاتية كوابيس بيروت لغادة السمان أنموذجا، صفحة 7. بتصرّف.
- ↑ محمد التركي، دراسة تأصلية لرواية السيرة الذاتية كوابيس بيروت لغادة السمان أنموذجا، صفحة 11. بتصرّف.
- ↑ محمد التركي، دراسة تأصلية لرواية السيرة الذاتية كوابيس بيروت لغادة السمان أنموذجا، صفحة 10. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد التركي، دراسة تأصلية لرواية السيرة الذاتية كوابيس بيروت لغادة السمان أنموذجا، صفحة 10. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد التركي، دراسة تأصلية لرواية السيرة الذاتية كوابيس بيروت لغادة السمان أنموذجا، صفحة 4. بتصرّف.
- ^ أ ب كرزابي عبد الغني لقمان، -Abdelghani Loukmane.pdf الذوق الجمالي في الأدب النسوي العربي المعاصر، صفحة 63. بتصرّف.
- ↑ كرزابي عبد الغني لقمان، -Abdelghani Loukmane.pdf الذوق الجمالي في الأدب النسوي المعاصر رواية كوابيس بيروت أنموذجاً، صفحة 56-64. بتصرّف.