حازت رواية عزازيل لمؤلفها الصري يوسف زيدان على جائزة البوكر للرواية العربية في عام 2009م، وهي رواية تاريخية فلسفية، وقد شغلت حيزًا كبيرًا من دراسات النقاد والدارسين، ولاقت اهتمامًا واضحًا من القراء، وفقًا لما ورد عن الكاتب محمد جرادات حول دراسته لهذه الرواية، وفي هذا المقال قدمنا لك تحليلًا مفصلًا لها.
تحليل رواية عزازيل
وفقًا لما ورد عن الكاتب والروائي كمال غبريال في دراسته لهذه الرواية فقد تناول الكاتب فيها قضايا الصراع اللاهوتي الذي استغرق العالم المسيحي في القرنين الرابع والخامس الميلاديين، وحمل من خلالها دعوة للتساؤل حول الكثير مما تسلّمناه كبديهات أو مقدسات، ولتوضيح الفكرة التي يريد الكاتب إيصالها تم تفكيك الرواية إلى عناصرها الأساسية وتحليلها على النحو الآتي:
العنوان
يعد العنوان من العناصر المهمة والفاعلة في النص الأدبي، والعتبة الأولى للغوص في عالم الرواية، وقد اختار الكاتب يوسف زيدان الرمز الديني "عزازيل" ليكون العنوان الرئيس لروايته كونه الباعث الأساسي على كتابة الحدث الروائي، والشخصية التي دفعت الراهب لتدوين سيرته واعترافاته، وقد عُرف "عزازيل" أو الشيطان بأنه رمز للشر والغواية عند مختلف الشعوب والأديان، وهذا ما بثّه الكاتب بين ثنايا روايته.[١]
المكان
وقعت أحداث رواية عزازيل في عدد من المدن والبلدات التي عمد الكاتب إلى إظهار معالمها الحضارية والتاريخية، وهي: مدينة (القدس/ أورشليم)، ومدينة (الإسكندرية)، ومدينة (أسيوط)، ومدينة (أنطاكيا)، ومدينة (حلب)، وبلدة (سمالوط)، لذا يُلاحظ أنّ المكان الروائي في رواية "عزازيل" قد تميّز بتنوعه وتعدده، الأمر الذي كان له الأثر الأكبر في حياة الراهب (هيبا) خلال رحلته؛ إذ إنّ عدم استقراره في مكان واحد يدلّ على حيرته وتخبطه، وهو انعكاس لحيرة الإنسان المعاصر.[٢]
الشخصيات الرئيسية
تدور أحداث رواية عزازيل بين عدد من الشخصيات الرئيسية، وهي:[٣]
- عزازيل: يمثل الشخصية الرئيسية في الرواية، والمحرّض الأساسي الذي دفع الراهب (هيبا) لكتابة الحدث الروائي، وهو شخصية غامضة استخدمها الكاتب للتعبير عن فلسفته في الدين والحياة، وللكشف عن الأسئلة التي تؤرق النفس البشرية حول الحياة والموت، والخير والشر.
- الراهب هيبا: هو سارد الرواية والشخصية التي تنهض بالحدث الروائي، وهو شخص قلق ومضطرب كثير الترحال بحثًا عن الحقيقة وأصل الإيمان، كما أنه يجمع التناقضات في داخله، ويعيش صراعًا داخليًا مع عزازيل أو النفس التي تقوده إلى ارتكاب الحرمات.
- أوكتافيا: تمثل هذه الشخصية الخطيئة الأولى للراهب (هيبا) بعد لقائه بها على شاطئ الإسكندرية، وهي شخصية متعصبة لدينها ومذهبها، تكره أتباع الديانة المسيحية بسبب قتلهم لزوجها الوثني.
- هيباتيا: التقى بها (هيبا) في الإسكندرية، وهي عالمة وفيلسوفة وابنة العالِم (ثيون)، كانت تُلقي دروسًا في الفلسفة والرياضيات في المسرح الكبير.
- فريسي الأقنوم: ساهمت هذه الشخصية في الأحداث التي جرت في الدير الشمالي في حلب، وكان من أقرب الرهبان إلى قلب (هيبا)، وهو يمثل بشخصيته التعصب الأعمى للدين والعقيدة دون بينة.
- نسطور: يؤدي دورًا مهمًا في سير أحداث الرواية والصراع الأساسي المتعلق بجوهر العقيدة المسيحية، وقد حُكِم عليه بالهرطقة والنفي بسبب معتقداته.
- مرتا: يقع الراهب (هيبا) في حبها بعد قدومها إلى الدير الشمالي، وهي فتاة جميلة ذات صوت جميل، فتصبح منشدة التراتيل في الكنيسة، وتغير مجرى حياة الراهب (هيبا).
الشخصيات الثانوية
تدور أحداث رواية عزازيل بين عدد من الشخصيات الثانوية، وهي:[٤]
- الأسقف تيودور: كان من بين الأشخاص الذين التقاهم هيبا في رحلته إلى القدس، ومن خلاله تعرف إلى الأسقف (نسطور)، وقد بين هيبا من خلال استذكاراته الصفات التي تميز بها تيودور، والحكمة والسماحة التي يتمتع بها.
- الأسقف ثيوفيلوس: استدعى الكاتب هذه الشخصية أثناء تصويره للممارسات التعسفية والعنف الذي مارسه أتباع الديانة المسيحية على الوثنيين.
- التاجر الصقلي: تم استدعاء هذه الشخصية من خلال حديث (هيبا) مع (أوكتافيا)، وهو شخصية مثقفة تمثل التسامح الديني واحترام الأديان، يقضي معظم أوقاته يفكر في الموت.
- أوريستوس: هو حاكم مدينة الإسكندرية، كانت تربطه علاقة صداقة بـ (هيباتيا)، وقد نشبت بينه وبين أسقف الإسكندرية خلافات عدة.
- كيرلس: يمثل الشخصية المتكبرة والتي تمارس جميع أشكال العنف الديني باسم الدين والدفاع عن العقيدة لتحقيق مطامع شخصية.
- بطرس القارئ: تمثل هذه الشخصية التطرف الديني المتمثل بالقتل وممارسة العنف.
- الراهب خريطون: هو شخصية غامضة تمتاز بالحكمة، يعتكف في مغارة قريبة من البحر الميت.
- الشماس: كان مساعدًا للراهب (هيبا) في الدير الشمالي في مدينة حلب، وهو شخصية طيبة وبسيطة، وُجِدَ رضيعًا عند باب الكنيسة وتكفلت امرأة فقيرة برعايته.
الأحداث الرئيسية
وفقًا لما ورد عن الكاتبة فاطمة الشيدي في دراستها لرواية "عزازيل" تدور الحكاية فيها حول راهب من صعيد مصر دخل إلى الرهبنة ليدرس الطب ويمارسه بإيعاز من عمه المريض الذي كان هو العائل الوحيد له بعد أن فقد والده على يد آثمة، وذهبت أمه في الغواية بزواجها ممن قتل والده، وتنقّل في حياة الرهبان والكنائس ممارسًا للطب، مسجلًا ما يحدث له من تفاصيل جميلة أو بشعة على مضض وخوف في ثلاثين رقًا دفنها كي تُقرأ بعد زمن طويل.
وقد كان الشيطان "عزازيل" في هذه الرواية هو المحرض على الشر الجميل الذي سيُخرج (هيبا) من صمته ليحكي حكاياته الكثيرة عن الدين، والظلم، والإنسان، والحب، والقهر، والفلسفة والموسيقى، عن العدالة الناقصة، والجشع الآدمي الذي لا يحده إطار، والعنف الذي لن تمنعه حظيرة الرب من التطاول والرسوخ.، وفقًا لما ورد عن فاطمة الشيدي في دراستها لهذه الرواية.
العقدة والحبكة
وفقًا لما ورد عن الكاتبة فاطمة الشيدي في دراستها لرواية "عزازيل" فقد كان هناك أكثر من حبكة، تتبدّى تباعا من عقدة الطفولة وظلم الأم، حتى مقتل الفيلسوفة (هيباتيا) على يد جنود الرب في الإسكندرية، حتى عزل (نسطور) لأنّه لم يقل بألوهية المسيح، وحتى وقوع (هيبا) في غواية العشق وأمر عزازيل له بالتدوين.
الحل
ترك الكاتب النهاية مفتوحة على لسان الراوي 0هيبا)، إلا من فكرة الرحيل بعد إنجاز المخطوط في رقوقه الثلاثين، فهل سيذهب إلى (مرتا) وينعم معها كما نصحه عزازيل، أم سيذهب إلى مكان آخر يُخلص فيه للرهبنة والمسيح؟ فهو لم يُورد ذلك، وكأنه شيء خارج الحكاية التي أراد إثباتها في رقوقه ومخطوطته، وذلك وفقًا لما ورد في الدراسة التحليلية لهذه الرواية للكاتبة فاطمة الشيدي.
السمات الفنية في رواية عزازيل
تتسم رواية عزازيل بعدد من الخصائص والسمات الفنية، منها على سبيل الذكر لا الحصر ما يأتي:[٥]
- الاعتماد على تقنية الاسترجاع في بناء الرواية.
- الاعتماد على بنية سردية واحدة باستخدام ضمير المتكلم "الأنا"، مع التنوع في صيغ الخطاب السردي.
- اللجوء إلى التناص الديني الذي أسهم في إثراء النص الروائي وخدمة الموضوعات التي يعالجها.
- اللغة العربية الفصيحة المتينة والطابع الشعري العذب الذي يغلب عليها، وفقًا لما ورد عن الكاتب محمد جرادات في دراسته التحليلية لهذه الرواية.
ولقراءة تحليل المزيد من الروايات الفلسفية: رواية كانديد، رواية ذئب البراري.
المراجع
- ↑ أسيل ماهر أسعد، ماهر مصطفى أسعد.pdf?sequence=1&isAllowed=y رواية عزازيل ليوسف زيدان دراسة نقدية تحليلية، صفحة 84. بتصرّف.
- ↑ أسيل ماهر أسعد، ماهر مصطفى أسعد.pdf?sequence=1&isAllowed=y رواية عزازيل ليوسف زيدان دراسة نقدية تحليلية، صفحة 130-137. بتصرّف.
- ↑ أسيل ماهر أسعد، ماهر مصطفى أسعد.pdf?sequence=1&isAllowed=y رواية عزازيل ليوسف زيدان دراسة نقدية تحليلية، صفحة 161-168. بتصرّف.
- ↑ أسيل ماهر أسعد، ماهر مصطفى أسعد.pdf?sequence=1&isAllowed=y رواية عزازيل ليوسف زيدان دراسة نقدية تحليلية، صفحة 163-167. بتصرّف.
- ↑ أسيل ماهر أسعد، ماهر مصطفى أسعد.pdf?sequence=1&isAllowed=y رواية عزازيل ليوسف زيدان دراسة نقدية تحليلية، صفحة 171. بتصرّف.