تُصنّف رواية شجرة البؤس لمؤلفها المصري طه حسين على أنها من الروايات الواقعية الاجتماعية، وقد نالت اهتمامًا واضحًا من النقاد والدارسين ومن القراء أيضًا، لذا قدمنا لكم في هذا المقال تحليلًا مفصلًا لها.[١]
تحليل رواية شجرة البؤس
يرصد الكاتب طه حسين في روايته هذه حالة المجتمع المصري وما يعانيه من حول وتغيّر في الجانب الديني، والفكري، والجانب الاقتصادي، من خلال حياة أبطال هذا العمل الروائي وما عانوه من بؤس وشقاء،[٢] ولتوضيح الفكرة التي يريد الكاتب إيصالها تم تفكيك الرواية إلى عناصرها الأساسية وتحليلها على النحو الآتي:
العنوان
يُحيل عنوان الرواية "شجرة البؤس" القارئ إلى الفكرة الرئيسية التي أراد الكاتب طرحها، واللغز الذي يكمن في الرواية حول حقيقة هذه الشجرة والمأساة التي يعيشها أبطال هذا العمل الأدبي؛ فشجرة البؤس هي الشقاء والتعاسة التي جنوها وضربت جذورها في أرواحهم، وطرحت ثمارًا من شوك، بناءً على ذلك يلاحظ أنّ الكاتب لم يختر هذا العنوان بطريقة اعتباطية، بل حاول أن يوفّق بينه وبين المعنى العام للنص وفق علاقة منطقية وجدليّة.[٣]
المكان
تدور الأحداث في رواية "شجرة البؤس" في مدينة "القاهرة" بأحيائها وشوارعها، إلى جانب الريف المصري الذي أطلق عليه الكاتب "المدينة الأولى"، فبرزت في هذه الرواية الثنائية الضدية بين الريف والمدينة، وبصورة عامة تقسم الأماكن الوارد ذكرها إلى أماكن مغلقة (مثل البيت والغرفة) وأخرى مفتوحة (مثل المدينة والشارع).[٤]
الشخصيات الرئيسية
تدور أحداث رواية شجرة البؤس بين عدد من الشخصيات الرئيسية، وهي كما يأتي:[٥]
- خالد: هو ابن التاجر علي، يملك نزعة دينية قوية، فقد حفظ القرآن الكريم قبل أن يبلغ عشرين عامًا، تزوج من نفيسة وعاش حياة سعيدة في بداية زواجه، لكن بعد إنجاب ابنته سميحة بدأ يعاني من اضطرابات نفسية وحزن كبير.
- نفيسة: تعد شخصية محورية في الرواية، وهي ابنة عبد الرحمن وشقيقة كل من محمد وصالح، جسّد الكاتب من خلالها شخصية المرأة المضطربة والقلقة.
- عبد الرحمن: ينتمي عبد الرحمن إلى الطبقة المتوسطة، كانت عائلته تعمل في التجارة وطوّرها هو شيئًا فشيئًا، لكن بعد أعوام طويلة تراجعت تجارته وتضاءلت ثروته.
- علي: نشأ علي في إحدى قُرى الريف المصري، ورث عن والده ثروة لا بأس بها، كان مُحبًا لزوجته لكن الطمع وحب المال جعله يزرع في داره شجرة البؤس، فكان السبب في وفاتها.
- أم خالد: كانت قوية النفس وحازمة في أوامرها، وتعد هذه الشخصية بمثابة الثمرة الأولى لشجرة البؤس التي زُرعت في منزل علي.
- أم نفيسة: هي جارية حبشية اشتراها عبد الرحمن من سوق الرقّ في القاهرة، فتزوجها وأنجب منها ثلاثة أبناء، تميزت بأنها عطوفة وهادئة ورزينة.
- سليم: هو ابن عم خالد، تربى يتيمًا حتى كفله عمّه علي، نشأ إلى جانب خالد كالأخ، وعندما كبر تزوج من زبيدة، وعمل كاتبًا في المديرية.
الشخصيات الثانوية
تدور أحداث رواية شجرة البؤس بين عدد من الشخصيات الثانوية، وهي كما يأتي:[٦]
- سميحة: هي الابنة الأولى لنفيسة وخالد، ساهمت في كشف الغطاء عن عقل أبيها وذوقه، فكانت جميلة وحسنة المظهر، ذاقت العناء والشقاء بعد أن تزوجت من رجل مُسنّ له العديد من الأبناء.
- جلنار: هي الابنة الثانية لخالد ونفيسة، كانت مُطابقة لأمها في عدم جمال شكلها، فكان والدها كلما رآها نَفَر من منظرها، فكان شكلها سبب بؤسها في حياتها، فعاشت بعقدة نفسية لازمتها طيلة حياتها.
- زبيدة: هي زوجة سليم، تتصف بخفة الروح والمرح، كما أنها امرأة قوية الشخصية ومُطيعة لزوجها، وكانت بينها وبين نفيسة علاقة مودة ومحبة.
- تفيدة: هي الابنة الكبرى لمنى، تزوجت من سالم الذي لم تعرف معه سوى الأحزان والآلام.
- محمد: هو الشاب الذي يقوم بخدمة علي، وكان يأخذ مقابل عمله أجرًا من المال.
الأحداث الرئيسية
تدور أحداث الرواية حول إحدى العائلات المصرية، يعكس الكاتب من خلالها سلطة الآباء في تزويج الأبناء دون مشاورتهم، وشجرة البؤس التي يتحدث عنها تُحيل إلى ثمرة هذا الزواج، وآتت أكلها حتى في الأجيال اللاحقة، وتبدأ الأحداث بتزويج علي لابنه خالد من نفيسة التي ليس لها نصيب من الجمال، لكنه رأى في هذا الزواج مصلحة مادية، فنفيسة هي ابنة التاجر عبد الرحمن، وثروته كلها ستؤول لابنته عندما يموت، وقد رضخ خالد لهذا الزواج دون معارضة، إلا أن أمه عارضته وبشدة، حتى أصابها المرض وأصبحت طريحة الفراش حتى وافتها المنية.[٧]
رزق خالد بابنته الأولى وكانت بعكس أمها آية في الجمال، وأخذ يقارن بينها وبين أمها ويفاضل بينهما، الأمر الذي سبب صدمة نفسية حادة لزوجته، لكن ابنته الثانية كانت نسخة من أمها، فهي ليست جميلة، فازدادت الفجوة بين خالد وزوجته.[٧]
العقدة
أصيبت نفيسة بحالة نفسية شديدة أدت إلى دخولها في غيبوبة، ومع استحالة العشرة بين خالد ونفيسة تم الطلاق بينهما، لكن مع بقاء نفيسة في المنزل للعناية بابنتيها، أما خالد فقد تزوج من منى وتحولت حياته من التعاسة إلى السعادة.[٧]
الحل
كانت منى رحيمة بنفيسة وبناتها وعطوفة عليهن، وتزوجت سميحة وهي ما تزال فتاة من شيخ كبير ماتت زوجته، وكانت حياتها كلها تعاسة، أما جلنار فقد ربت إخوتها الصغار واهتمت بأعمال المنزل، وأمها نفيسة انتقلت للعيش مع سميحة، لتتركها وحيدة، ومضت الأيام وجلنار في بيت أبيها، أما أخواتها فقد تزوجن كلهن، إلا أنّ زواجهن لم يدم طويلًا، وصارت حياتهن جحيمًا، ليعدن إلى بيت والدهن خالد، ويذُقن جزءًا من البؤس الذي ذاقته نفيسة وبناتها.[٧]
السمات الفنية في رواية شجرة البؤس
بعد قراءة رواية شجرة البؤس يُلاحظ أنها تتسم بعدد من الخصائص والسمات الفنية، منها على سبيل الذكر لا الحصر ما يأتي:[١][٨]
- وضوح العلاقة بين عنوان الرواية ومضمونها.
- التركيز على الوصف الداخلي للشخصيات ونقل مشاعرها وهواجسها.
- طرح الأحداث في الرواية بطريقة نقدية اجتماعية.
- استخدام لغة جمعت بين البساطة والمتانة.
ولقراءة تحليل المزيد من الروايات الواقعية الاجتماعية: رواية البحث عن وليد مسعود، رواية في بيتنا رجل.
المراجع
- ^ أ ب حنان موساوي، كنزة إدر، نفسية واجتماعية لرواية شجرة البؤس ل طه حسين.pdf دراسة نفسية واجتماعية لرواية شجرة البؤس، صفحة 82. بتصرّف.
- ↑ هبة نوري، fini.pdf بنية الرواية العربية في ضوء التغير الاجتماعي "شجرة البؤس" أنموذجًا، صفحة 103. بتصرّف.
- ↑ حنان موساوي، كنزة إدر، نفسية واجتماعية لرواية شجرة البؤس ل طه حسين.pdf دراسة نفسية واجتماعية لروية "شجرة البؤس" لطه حسين، صفحة 48. بتصرّف.
- ↑ هبة نوري، fini.pdf البنية الفنية للرواية العربية في ضوء التغير الاجتماعي "شجرة البؤس" أنموذجًا، صفحة 79. بتصرّف.
- ↑ هبة نوري، fini.pdf البنية الفنية للرواية العربية في ضوء التغير الاجتماعي "شجرة البؤس" أنموذجًا، صفحة 38-58. بتصرّف.
- ↑ هبة نوري، fini.pdf البنية الفنية للرواية العربية في ضوء التغير الاجتماعي "شجرة البؤس" أنموذجًا، صفحة 38-58. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث حنان موساوي، كنز إدر، نفسية واجتماعية لرواية شجرة البؤس ل طه حسين.pdf دراسة نفسية واجتماعية لرواية شجرة البؤس، صفحة 77. بتصرّف.
- ↑ هبة نوري، fini.pdf بنية الرواية العربية في ضوء التغير الاجتماعي "شجرة البؤس" أنموذجًا، صفحة 104. بتصرّف.