تُبنى رواية سرادق الحلم والفجيعة لمؤلفها الجزائري عز الدين جلاوجي على منظور خيالي يتجاوز الواقع إلى اللاواقع بطريقة عجائبية، حسب ما ورد عن الأستاذة أمال ماي في قراءتها النقدية لها، وقد شغلت هذه الرواية حيزًا من دراسات النقاد والدارسين وحازت على اهتمام واضح من القراء، وفي هذا المقال قدمنا لكم تحليلًا مفصلًا لها.


تحليل رواية سرادق الحلم والفجيعة

حاول الكاتب عز الدين جلاوجي في روايته هذه تجسيد الأوضاع السائدة في بلاده والمعاناة التي يمرّ بها الناس، موظفًا ثنائية الخير والشر وتناقضات عديدة بدءًا من عنوان الرواية، ويُشار إلى أنّه استلهمها من حكاية "ألف ليلة وليلة"،[١] ولتوضيح الفكرة التي يريد الكاتب إيصالها تم تفكيك الرواية إلى عناصرها الأساسية وتحليلها على النحو الآتي:


العنوان

يحمل عنوان الرواية "سرادق الحلم والفجيعة" وجوه تأويلية عديدة انطلاقًا من التناص مع القرآن الكريم بكلمة "سرادق"، والمقترنة بأمرين متناقضين "الحلم والفجيعة"، لذا تعد هذه الرواية رواية حلم وأحلام وفجيعة ما بعدها فجيعة، فشكّل العنوان العتبة الأولى للولوج إلى عمق النص الروائي.[٢]


المكان

يحضر المكان في رواية "سرادق الحلم والفجيعة" حضورًا قويًا، وقد شكّلت (المدينة) محور الأحداث، وجسدها الكاتب في صورة إنسان وما فيه من خير وشر، انطلاقًا من العجائبية التي أقام عليها الرواية والترميز الذي لجأ إليه، وفي العموم تقسم الأماكن الوارد ذكرها إلى أماكن مفتوحة (مثل المدينة) وأخرى مغلقة (مثل البيت والمقهى).[٣]


الشخصيات الرئيسية

تدور أحداث رواية سرادق الحلم والفجيعة بين عدد من الشخصيات الرئيسية، والتي تنوعت ما بين شخصيات حيوانية وإنسانية وخيالية، وهي:[٤]

  • الشاهد: يعد البطل والشخصية الرئيسية في الرواية، فهو من ينقل الأحداث لكن دون معرفة حقيقته وأوصافه، فاكتفى الكاتب بنقال الحالة النفسية التي كان يعيشها.
  • الغراب: وصفه الكاتب من الناحية الشكلية وصفًا دقيقًا، ويعد الشخصية المحورية التي تدور حولها الأحداث، وكان الغراب يمارس كل أنواع التخريب والتدمير لكنه يخضع لسلطة الفئران.
  • الحبيبة نون: هي شخصية خيالية وظفها الكاتب ليُجسّد من خلالها المرأة الصالحة الجميلة، كان دائمًا ما يحلم بإيجادها ويعبر عن شوقه لها، لكن في لحظة معينة من أحداث الرواية يجدها عكس ما يحلم به، الأمر الذي يساهم في تشويش أفكار القارئ.
  • الفأر: أعطى الكاتب للفأر كل القوة والبطولة، حتى أنه جعله يطارد القط الذي يخاف منه ويهرب، ويشير إلى أنّ الفأر يعد رمزًا للشر.


الشخصيات الثانوية

تدور أحداث رواية سرادق الحلم والفجيعة بين عدد من الشخصيات الثانوية، والتي تنوعت ما بين شخصيات حيوانية وإنسانية وخيالية، وهي:[٤]

  • الهدهد: ساعد الهدهد على كشف حقيقة الغراب المستبد لأهل المدينة، وهو يرمز إلى الإرشاد والصلح.
  • السيد نعل: هو رفيق الغراب ومساعده ويده اليُمنى، ظهر بأنّه ابن المدينة الحقيقي الذي كان يُبين حبّه لها، لكن الكاتب وصفه بأقبح الصفات.


الأحداث الرئيسية

تضم هذه الرواية مجموعة من القصص أبطالها من الحيوانات والأشخاص يستلها الكاتب بالحديث عن شعوره بالغربة في المدينة، ثم الحديث عن قصة الفأر الذي مزّق القط إلى قطع، لينتقل بالقارئ إلى وصف المقهى الشعبي والحالة المزرية التي أصبح عليها مُرتادوه، وهكذا يتنقل بين قصة وأخرى حتى يحكي الراوي قصة حبيبته نون التي أتى الشاهد من أجل البحث عنها، ثم يستحضر شخصية المجذوب التي بإمكانها الإجابة عن الأسئلة التي تدور في ذهن الكاتب، وهكذا يستمر الكاتب بطرح القصص الترميزية التي تساهم في ترسيخ فكرته.[٥]

العقدة

تعد شخصية الشاهد الناقل للأحداث في الرواية، والقاسم المشترك بين القصص الوارد ذكرها، وتشكّل رغبته باكتشاف وكر النسور التي تزور الغراب منذ مدة اللحظة الفاصلة، فيتفاجأ أنّ الفئران متنكرة بزي النسور، وبعد إحساس الفئران بوجود من يتجسس عليهم يُسلطون عليه لعنتهم، ويصبح الشاهد حاكم المدينة، وبعدها يعلم أنّ المدينة تكره الماء فيذهب إلى الشلال لهدمه.[٥]


الحل

بقي الراوي في حيرة من أمره بعد معرفته بأمر الطوفان، فدخل إلى المدينة يحمل الألواح، مما أثار الدهشة والعجب عند الناس، فأخبرهم بأمر الطوفان لكن لم يصدقه أحد، وبقي هو يصنع الفلك وينتظر قدوم الطوفان، حتى مات وترك وراءه السفينة.[٦]


السمات الفنية في رواية سرادق الحلم والفجيعة

يشير العديد من النقاد والدارسين إلى أنّ رواية سرادق الحلم والفجيعة تتسم بعدد من الخصائص والسمات الفنية، منها على سبيل الذكر لا الحصر ما يأتي:[٧][٨]

  • البنية المُثيرة والنزوع إلى التجريب والمغامرة على صعيد البناء الفني للرواية.
  • تجنّب النقل السطحي في معالجة الوضع الراهن.
  • استعارة تركيب حديث يجعل من المكان بؤرة للفعل السردي.
  • تضمين الرواية الأسطورة والعديد من الرموز.
  • تجاوز الحكي التقليدي في الرواية على مستوى اللغة، واستخدام لغة شعرية تتسم بالعجائبية.
  • الاستلهام من العوالم الشعبية، كالطلاسم والشعوذات، والتي تساهم في إيصال الفكرة التي يريد الكاتب طرحها في الرواية.


ولقراءة تحليل المزيد من الروايات العجائبية: رواية سهرة تنكرية للموتى، رواية أرض زيكولا.

المراجع

  1. دنيا درامنية، خديجة عثامنية، العجائبية في رواية سرادق الحلم والفجيعة، صفحة 81. بتصرّف.
  2. سمية قايم، شعرية اللغة وسحر العجائبي في رواية سرادق الحلم والفجيعة، صفحة 6. بتصرّف.
  3. دنيا درامنية، خديجة عثامنية، العجائبية في رواية سرادق الحلم والفجيعة، صفحة 60. بتصرّف.
  4. ^ أ ب دنيا درامنية، خديجة عثامنية، العجائبية في رواية سرادق الحلم والفجيعة، صفحة 40. بتصرّف.
  5. ^ أ ب دنيا درامنية، خديجة عثامنية، العجائبية في رواية سرادق الحلم والفجيعة، صفحة 87. بتصرّف.
  6. دنيا درامنية، خديجة عثامنية، العجائبية في رواية سرادق الحلم والفجيعة، صفحة 73. بتصرّف.
  7. عبد الحميد هيمة، تجليات المحنة الوطنية في الخطاب السردي الجزائري، صفحة 1. بتصرّف.
  8. سمية قايم، شعرية اللغة وسحر العجائبي في رواية سرادق الحلم والفجيعة، صفحة 7. بتصرّف.