تعد رواية الموت في وهران لمؤلفها الجزائري الحبيب السائح من الروايات الواقعية التي تتناول الواقع المُعاش بكل ما فيه، وقد حازت على اهتمام واضح من القراء وشغلت حيزًا من دراسات النقاد والدارسين، وفي هذا المقال قدمنا لكم تحليلًا مفصلًا لها.[١]
تحليل رواية الموت في وهران
تناول الكاتب الحبيب السائح في روايته هذه الآثار السلبية التي تعاني منها الأسرة والمجتمع كاملًا في بلاده بعد المرور بفاجعة كبيرة، ممثلًا على ذلك بشخصية البطل الهواري الذي سيواجه الحياة وحيدًا،[٢] ولتوضيح الفكرة التي يريد الكاتب إيصالها تم تفكيك الرواية إلى عناصرها الأساسية وتحليلها على النحو الآتي:
العنوان
يوصف عنوان هذه الرواية "الموت في وهران" بأنّه دليل على أنّ الموت أصبح ينخر في وهران كلّها ويسكنها نتيجة تغير الأوضاع فيها، الأمر الذي قد يُير في نفس القارئ منذ البداية أنّ العيش في هذه المدينة أمر مستحيل، وفي العموم يحمل هذا العنوان دلالات مكثفة المعاني.[٣]
المكان
تدور أحداث رواية "الموت في وهران" في مدينة (وهران الجزائرية) متمثلةً أحيائها وشوارعها والعديد من الأماكن المستمدة من الواقع في الغالب، وبصورة عامة تقسم الأماكن الواردة فيها إلى أماكن مغلقة (مثل البيت) وأخرى مفتوحة (مثل المدينة).[٤]
الشخصيات الرئيسية
تدور أحداث رواية الموت في وهران بين عدد من الشخصيات الرئيسية، وفقًا لما ورد عن الباحثة نادية نويري في دراستها التحليلية لهذه الرواية، وهي:
- الهواري: وُلِد في مدينة وهران، عاش طفولة صعبة، فقد قوته وإحساسه بالعالم الخرجي منذ وفاة أمه، وعانى من أشكال الموت المتعددة من غموض ماضيه الذي اكتشفه من صندوق أمّه الراحلة.
- بختة الشرقي: هي فتاة جميلة ومثقفة، تعدّ رمزًا للصداقة والوفاء، وجد فيها الهواري ملجأه وحنين الأم.
- وهيبة بوذراع: هي والدة الهواري، والتي كانت سببًا في حالة الحزن التي عاشها الهواري،.
- حسنية/ نسيمة وزاني: تركت قريتها وعائلتها خوفًا من العار الذي سيلحقها بعد تعدّي رجل عليها رفضته بعد أن تقدّم لخطبتها.
- عبرقا النقريطو: اسمه الحقيقي عبد القادر المبروكي، وهو صديق الهواري ومؤنسه الحقيقي في وحدته، وكان يجسّد رمز الإخلاص.
الشخصيات الثانوية
تدور أحداث رواية الموت في وهران بين عدد من الشخصيات الثانوية، وفقًا لما ورد عن الباحثة نادية نويري في دراستها التحليلية لهذه الرواية، وهي:
- معمر صفصاف: هو والد الهواري، كان يجسّد دور الإهمال وعدم المسؤولية، وينظم الجماعات الإرهابية.
- جمال الدين سعياد: هو زميل الهواري في المدرسة، وكان طالبًا مجتهدًا وصديقًا وفيًا.
- قاديرو: هو صاحب طاولة الدخان، كان من أبرز الأشخاص الذين وقفوا إلى جانب الهواري في محنته بعد وفاة أمه.
- ناصر العوني: هو أستاذ لغة عربية مجتهد ومُجدّ، يتصف بالأناقة والجمال.
- مريم بوخانة: هي أستاذة لغة فرنسية، كانت واقعة في حب الأستاذ ناصر.
- عبد الجبار معموري: هو طالب في معهد الطب، تبدو على وجهه آثار ندوب قديمة، تقدم لخطبة حسنية وهو يكبرها بخمسة عشر عامًا، وتعدّى عليها بعدما رفضته وفضّلت إكمال دراستها.
- عاشور بونعايم: هو رجل في الخمسين من عمره، وهو مدير مكان عمل والدة الهواري، وقد طلبها للزواج عدة مرات لكنها كانت ترفض بسبب ابنها، وقد كان الهواري يشكّ أنه السبب في إلحاق الأذى بأمه.
الأحداث الرئيسية
تبدأ أحداث هذه الرواية بالتزامن مع دخول بطلها "الهواري" المدرسة الابتدائية، والذي يبدأ بسرد يومياته المليئة بالكآبة والحزن بداية من فقدان والده "معمر الصفصاف" نتيجة إطلاق قوات الأمن الرصاص عليه، وهذا الحدث المؤلم جعله يشعر بالنقص مقارنة بالتلاميذ الآخرين الذين يعيشون بدفء الوالدين، ويذكر بعد ذلك لقاءه بـ "حسينة" وإقامتها معه في شقته، إلى جانب سرد ذكرياته في المرحلة الدراسية والثانوية وما عاناه فيهما، ونتيجة للوضع السيئ الذي تعاني منه أسرته الصغيرة لجأت والدته للبحث عن عمل من أجل تأمين قوت يومها هي وابنها الهواري.[٢]
العقدة
تموت والدة الهواري إثر إصابتها بمرض فقدان المناعة المكتسبة، تاركةً له مبلغًا من المال في صندوق ليدفعه لمستلزمات جنازتها، كما يكتشف بعض أسرار ماضيه من صندوق أمه الراحلة، ويدخل الهواري السجن بتهمة قتل حسنية بعد إيجادها جثة هامدة في شقته.[٢]
الحل
تنتهي أحداث رواية "الموت في وهران" بخروج الهواري من السجن وبقائه في بيته في ظل غياب صديقته بختة الشرقي التي كانت في السابق كثيرًا ما تسأل عنه، وقد ذُكر في بداية الرواية أنّ بختة الشرقي تعود بعد مدة من الغياب من باريس لملاقاة الهواري وتضميد جراحه.[٢]
السمات الفنية في رواية الموت في وهران
يُشير العديد من النقاد والدارسين إلى أن رواية الموت في وهران تتسم بعدد من الخصائص والسمات الفنية، منها على سبيل الذكر لا الحصر ما يأتي:[٥]
- اللجوء إلى عنصر التشويق الذي ساهم في جذب القارئ ودفعه للاستمرار في القراءة.
- الوصف الدقيق للأحداث والأشياء في الرواية.
- استخدام اللغة العامية المحكيّة في مدينة وهران في أغلب مواضع الرواية.
- المزج بين الزمن الماضي والزمن الحاضر في سرد أحداث الرواية.
ولقراءة تحليل المزيد من الروايات الواقعية: رواية زقاق المدق، رواية كوابيس بيروت.
المراجع
- ↑ الطاهر مسيلي، eltahar msili.pdf البنية الفنية والرؤية الفكرية في روايات الحبيب السائح، صفحة 71. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث الطاهر مسيلي، eltahar msili.pdf البنية الفنية والرؤية الفكرية في روايات الحبيب السائح، صفحة 128. بتصرّف.
- ↑ الطاهر مسيلي، eltahar msili.pdf البنية الفنية والرؤية الفكرية في روايات الحبيب السائح، صفحة 301. بتصرّف.
- ↑ نبيلة عثمان، n.pdf الواقع والمتخيل في رواية الموت في وهران، صفحة 29. بتصرّف.
- ↑ فايزة طابي، رواية الأزمة بين الواقع التاريخي والمتخيل في رواية الموت في وهران، صفحة 31. بتصرّف.