تحمل رواية لحظات لا غير للكاتبة المغربية فاتحة مرشيد إثارة رومانسية وفكرية وثقافية، حسب ما ورد عن الباحث والكاتب رياض خليف في قراءته لها، وقد لاقت اهتمامًا واضحًا من النُقّاد والدارسين ومن القُرّاء أيضًا، وفي هذا المقال قدّمنا لكم تحليلًا مُفصّلًا لها.
تحليل رواية لحظات لا غير
حسب ما ورد عن الباحثين حفصة العزاوي وأحمد حيدوش في قراءتهما التحليلية لهذه الرواية تطرح الكاتبة الشعور الإنساني وتمرّد الفرد ضد القوانين الاجتماعية التي تُفرَض عليه، وذلك من خلال قصة الطبيبة النفسية، ولتوضيح الفكرة التي يريد الكاتب إيصالها تم تفكيك الرواية إلى عناصرها الأساسية وتحليلها على النحو الآتي:
العنوان
وفقًا لما ورد عن الدكتور بوشعيب الساوري في قراءته النقدية لهذه الرواية فإنَّ العنوان "لحظات لا غير" يحمل دلالة زمنية مع الإحساس به، وتقصد الكاتبة بكلمة "لحظات" لحظات امتلاء الروح والفكر والجسد، لحظات المتعة التي تتميز عادة بأنها قصيرة، وقد جاءت غير مُعرفة للدلالة على قلتها وقصرها، بالإضافة إلى أهميتها وقيمتها من خلال الاستثناء، إنها اللحظات التي تسرقها البطلة من الموت، فالحياة مجرد لحظات لا غير، يجب أن تعاش بصدق وحب كأنها آخر لحظة تعاش.
المكان
وفقًا لما ورد عن الباحث يوسف الطاسي في قراءته النقدية لهذه الرواية قُسمت الأماكن فيها إلى أماكن مفتوحة (مثل مدينة الجن والملائكة "باريس") وأخرى مُغلقة (مثل: العيادة، والمستشفى، والمدرسة، والمنزل).
الشخصيات الرئيسية
دارت أحداث رواية لحظات لا غير بين عدد من الشخصيات الرئيسية، وفقًا لما ورد عن الناقدة خولة الزلزولي، وهي كما يأتي:
- الدكتورة أسماء الغريب: هي امرأة تعمل طبيبة في عيادة نفسية، تزوجت طبيبًا جراحًا، وتطلقت منه قبل عشر سنوات.
- الشاعر وحيد الكامل: هو شاعر وأستاذ جامعي، كان يعيش حالة اكتئاب بعد فقدان أمه في حادث سير.
- الدكتور عبد الرحيم الطويل: هو بروفيسور وأستاذ أسماء، أوصاها بعدم الخوض بعلاقة عاطفية مع وحيد.
- عبد اللطيف: هو مريض ساعدته الدكتورة أسماء على رفع معنوياته خلال مرضه، وهو من أخبرته أسماء باهتماماتها الأدبية.
- ماري: هي صديقة وحيد في باريس، طالبة في المدرسة العليا للفنون الجميلة، وهي أول حب لوحيد، وقد اكتشفا معًا باريس الفن.
- سوزان: تعمل في قسم شؤون الطلبة بإدارة جامعة السوربون في باريس، أحبت وحيد وجعلته يبتعد عن الكحول وشجعته على إكمال دراسته.
الشخصيات الثانوية
دارت أحداث رواية لحظات لا غير بين عدد من الشخصيات الثانوية، وفقًا لما ورد عن الناقدة خولة الزلزولي، وهي:
- والد وحيد.
- أمينة الممرضة المساعدة.
- طليق أسماء الغريب.
- ماري صديقة وحيد الكامل في السوربون.
- إبراهيم صديق وحيد الكامل ورفيقه خلال سنوات التلمذة.
- أخت أسماء الغريب القاطنة في مراكش.
الأحداث الرئيسية
وفقًا لما ورد عن الباحث يوسف الطاسي في قراءته النقدية لهذه الرواية تدور الأحداث حول الطبيبة النفسية "أسماء" التي قهرت مرض السرطان الذي يهدم الجسد والروح والإرادة، وتجربتها مع المريض الذي يدعى وحيد كامل أستاذ فلسفة وشاعر انقطع عن الكتابة، وقد عاش فترة اكتئاب دفعته للانتحار، لكنَّ الطبيبة النفسية أسماء استطاعت أن تخرجه من الحالة التي كان يعيشها، وقد كانت علاقة وحيد بوالده متنافرة بسبب اعتقاده أن والده السبب في وفاة والدته عندما كان يبلغ وحيد من العمر عشر سنوات، فبعد وفاة والدته دخل بصراع مع والده، الذي اتبع طريق الهدى بتطرف وابتعد عن شرب الخمر، وكلما حاول الاقتراب منه ازداد وحيد نفورًا وبعدًا، وتزوج والده بعد ثلاث سنوات على وفاة الأم، فاعتبر وحيد هذا الزواج خيانة عظمى لأمه.
بعد حصول وحيد على شهادة البكالوريوس، توجه إلى مدينة باريس ليدرس الفلسفة هناك، وفي هذه الفترة أدمن شرب الكحول، والتقى فيما بعد بسوزان وتزوجها، فساعدته على الخروج من الحالة التي كان فيها وإكمال دراسته، وقد حاولت سوزان مصالحته مع والده، لكن لم يُسعفه الوقت؛ إذ تعرض والد وحيد وهو متوجه إلى المسجد لأداء صلاة الفجر لحادث سير، فدخل وحيد بعد وفاة والده في حالة ندم ولوم واكتئاب، وكان يعتقد أن دعواه هي السبب في حدوث ذلك، حاول وحيد أن يخرج من حالته بالكتابة وصنع الأفكار والأشعار، وقد التقى بأسماء التي أعاد لها الحياة أيضًا، فقد تصالحت مع القلم وبدأت ترسم كلمات وحروف من نور.
الطبيبة أسماء كانت تحب الكتابة منذ صغرها وشبابها، لكن اختيارها لمهنة الطب جعلها تنقطع عن الكتابة، وقد صالح وحيد أسماء مع الحياة والحب، إذ أعادت جلسات العلاج بين الطبيبة أسماء والمريض وحيد لهما نفسهما، وعاد وحيد للكتابة فأصدر ديوان شعري بعنوان "أبراد الروح"، وحضرت أسماء حفل توقيعه، وكيف لا تحضر وهي من ساهمت في عودته إلى الكتابة.
العقدة
وفقًا لما ورد عن الباحث يوسف الطاسي في قراءته النقدية لهذه الرواية وقع وحيد في حب الطبيبة أسماء، فقد صالح هذا الحب أسماء مع نفسها والعالم، وفيما بعد استدعت هيئة الأطباء الطبيبة أسماء للمجلس التأديبي؛ وذلك لأن مثل هذه العلاقات غير مسموحة بين الطبيب والمريض، بحجة أن الطبيب يكون بكامل قواه العقلية في حين يكون المريض منهارًا، لكنّ أسماء واجهت كل شيء مقابل الحب؛ أمها ووظيفتها ومهنتها وأصدقاءها، وقدمت استقالتها، وهذا كله في سبيل الحب الذي لا يعلم أحد متى يصادفه.
الحل
وفقًا لما ورد عن الباحث يوسف الطاسي في قراءته النقدية لهذه الرواية بعد مدة قصيرة من زواج أسماء ووحيد يُصاب وحيد بمرض يجعله طريح الفراش تحت رحمة الأدوية والأجهزة، وقد حرصت أسماء على الاهتمام به في منزلهما وليس في العيادة، فنقلت جميع الأجهزة الطبية والأدوية التي يحتاجها، وتكفلت بذلك وحدها دون مساعدة أحد؛ فقد رفضت أن يتقاسم أحد معها لحظاته الأخيرة، فالحياة مجرد لحظات لا غير، فقامت أسماء بواجبها ليس كزوجة مخلصة ومحبة فقط، بل كممرضة أيضًا ترعاه وتقدم له الدواء، وكأنها خُلقت لتدرس الطب من أجل أن تعتني به، إلى حين وفاته وفاة صامتة وهي نائمة، غاب وحيد عنها بهدوء متحاشيًا إزعاجها.
السمات الفنية في رواية لحظات لا غير
اتسمت رواية لحظات لا غير بعدد من الخصائص والسمات، وفقًا لما ورد عن مجموعة من الباحثين في دراسة تحليلية لها، يُذكَر منها ما يأتي:
- توظيف الأساليب السردية المناسبة لنقل الأحداث والتعبير عن مواقف الشخصيات.
- الإكثار من السرد للاقتراب من واقع الشخصيات أكثر.
- هيمنة الأسلوب الشعري الجميل وما يحمله من دلالات ورمزيات.
- الاستفادة من التقنيات الحديثة كالوصف والحوار واستثمارها بفنية عالية.
ولقراءة تحليل المزيد من الروايات المتنوعة: رواية آن في المرتفعات الخضراء، رواية ليطمئن قلبي.